عن أوروبا وتاريخ الإرهاب !

بقلم: محمد البلادي

 

 يقول كارل ماركس : التاريخ يعيد نفسه في المرة الأولى كمأساة،وفي الثانية كمهزلة! .

 عندما وطئت قدما ( كريستوفر كولومبس) وعصابته من الغزاة الأسبان الأرض الجديدة ( أمريكا ) ، فإنّ أول صدمة تلقاها ذلك اللص – الذي ضل طريقه فدخل التاريخ – هي طيبة وبراءة ولطف السكان الاصليين الذين سماهم خطأً ( بالهنود الحمر ) ، ولأنهم لم يكونوا قد تلوثوا بعد بفيروسات أوروبا ، فقد استقبلوا كولومبس وعصابته بكرم وترحاب بالغين ، وأبدوا لهم أجمل مظاهر السلوك الإنساني الخيّر . ولهذا فإنّ من الخطأ الاعتقاد بان ما حدث لسكان اميركا الاصليين من مجازر، فيما بعد، كان بسبب عدم معرفة الأسبان بهم، فالسبب الحقيقي هو الطغيان والجشع والإرهاب الأوروبي الذي نقله الغزاة معهم من القارة العجوز !.

 ( كولومبوس) نفسه كان قد كتب إلى ملك إسبانيا يقول:” أن السكان هنا  طيبون ، ومسالمون للغاية..  وأقسم لجلالتك انّه لا توجد على وجه الأرض أمّة أفضل منهم ، فهم يتحدثون بعذوبة ولطف دون أن تفارق الابتسامة شفاههم، ومع أن أجسادهم  شبه عارية ،إلاّ أنّ سلوكهم محتشم جدا ” !! .لكن  و برغم هذا  الثناء إلا إن الأمور سرعان ما تحولت إلى بحيرات من الدم ، بعد أن  فُهمت سلوكيات الهنود النبيلة على أنّها ضعف ،فهجم ملايين الأوروبيين عليهم ليفرضوا طريقة حياتهم بالقوّة على اولئك الناس الطيّبين ؟

 اذا كان الأسبان هم أول من مارس الإرهاب فوق أراضي العالم الجديد فان ثعالب السياسة الانجليزية هم أول من مارس الخيانة والخبث والخداع هناك ، ففي سبيل إنشاء مستوطنة في ( جمس تاون) قام الانجليز بوضع تاج على رأس زعيم قبيلة (البوهاتانس) ، وبهذه الحيلة أصبح الزعيم مذبذب الولاء بين الانجليز و بين أبناء قبيلته الذين صبروا حتى توفي زعيمهم ، فهبّوا لدفع المستعمر الإنجليزي من حيث أتى. لكنهم جوبهوا بتهمة الإرهاب والتوحش ، وبالبارود والمدافع التي لا قبل لهم بها، ما أدّى إلى فناء معظمهم ،على أيدي رسل الحضارة ! ( ألم أقل لكم أن التاريخ عندما يكرر نفسه يصبح مأساة ).

 المضحك أن أوروبا التي مازالت ترفع تهمة الإرهاب في وجه كل مدافع عن كرامته وأرضه هي أكثر من لطّخ وجه الأرض بالدماء، ولا يشهد التاريخ  أن دولة منها عفّت عن الإرهاب إلاّ في حالة عدم قدرتها عليه .. حتّى سويسرا، تلك  المصرفية الحسناء ذات الشوكولاته والساعات الأنيقة ، كانت قبل أربعة قرون قد أغرقت أوربا كلها بالدّم، ولم يوقفها إلاّ تقطيع أوصالها.

 إن سألتم بعد كل هذا عن أميركا ؟ فهي ليست سوى بقايا جينات أولئك الغزاة الأوروبيين المدجّجين بالطمع والكذب والإرهاب ؟

 

 

Sent from my iPhone
اظهر المزيد

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟