كل تكريم حقيقي اعتذار متأخر لعطاء طويل!

 عبدالله السحيمي

@Alsuhaymi37

 

لم تكن هذه العبارة إلا ناقوس تذكير يزاحم الأوفياء، ويرتب السير والتوجه نحو الصورة التي لا تكتمل إلا بالحضور المختلف، ذاك الحضور الذي يصنع قيمته ومكانته من خلال أثره وسيرته.

هناك أسماء تبقى في ذاكرتنا زمنا طويلا؛ لأنها لم تمر مرورا عابرا في المشهد الاجتماعي أو الثقافي، بل تركت بصمتها في كل زاوية مرت بها، تضيء وتبذر فكرة، وتمنح للمكان والزمان جزءا من روحها.

ومن بين هذه الأسماء التي حفرت حضورها في ذاكرة المدينة المنورة، يأتي عبدالمحسن البدراني، صاحب القلم الذي تحركه الوطنية الصادقة، ويأسره عشق المدينة المنورة مكانا وسكنا وعملا.

هو أحد أبناء هذه الأرض الطيبة، عاش فيها وخدمها بإخلاص عبر منابر الإعلام، ولا يزال يكتب عنها بصدق يفيض محبة وانتماء.

تنقل بين محطات إعلامية متعددة، ومن صحيفة إلى أخرى، وظل ثابتا في مواقفه، صادقا في كلمته، محاطا بتقدير من عرفه إنسانا قبل أن يكون إعلاميا.

يميل إلى الصمت حين يغيب المعنى، ويتحدث حين يكون للكلمة دور ومسؤولية.

هو من أولئك الذين لا يبحثون عن الضوء، لكن الضوء نفسه يذهب إليهم؛ لأن في حروفهم ما يستحق الإصغاء.

قد يختلف معه البعض في جرأته الإعلامية، غير أن من يعرفه يدرك أن تلك الجرأة كانت -ولا تزال- مشفوعة بحس وطني رفيع، لا تبتغي إلا المصلحة العامة، ولا تميل إلا لما يخدم الحقيقة والناس.

ولأن التكريم لا يأتي من فراغ، فإن كل احتفاء بعبدالمحسن البدراني هو احتفاء بالصدق في زمن الالتباس، وبالانتماء في زمن التشتت، وبالوفاء في زمن العابرين.

هو تكريم للصحافة التي حملت رسالتها النبيلة بأمانة، وللكلمة التي بقيت تضيء دون أن تنطفئ أمام العواصف.

إن مثل هذه النماذج هي التي تستحق أن تُذكر، لا لأنها مرت، بل لأنها أثرت، ولا لأنها كتبت، بل لأنها خلدت معنى الكتابة ومسؤوليتها.

فشكرا لكل من يكتب ليبقي القيمة حاضرة، وشكرا لكل من يكرم ليبقي الوفاء قائما.

إن التكريم الحقيقي الاستثنائي الذي يتجاوز المألوف هو أكبر قيمة نقدمها لمن خدم وقدم وساهم وعزز.

عبدالمحسن البدراني.. رحلة مع القلم تتجاوز أكثر من ثلاثين عاما، يستحق أن نقول له: توقف لنتوج تلك الرحلة بما تستحق.

هناك الكثير ممن يستحق، ويبقى العطاء الإعلامي الذي قدمه أبو المهند كالسيف الناصع والناصح.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟