مات مصطفى إدريس .. “أغلقوا دكانكم”

بقلم: رئيس التحرير

لا أعرف لماذا كلما أتى ذكر لهيئة الصحفيين التي من الممكن أن يكون لها علاقة بكل شيء إلا الصحفيين! كلما ذُكرت الهيئة أتذكر دائماً المرحوم مصطفى إدريس، وصورته وهو على سرير المرض.

ليست حقيقة بل ربما تكون شائعة أو قصة مُسليّة من القصص التي ترويها العجائز حينما نسمع عن هيئة صحفيين بأنها تُعنى بترتيب البيت الصحفي في المملكة!. وربما تكون من الصُدف الغريبة والنادرة أن تسمع من يتحدث عنها وعن أهدافها وبرامجها بوصفها “المظلة” التي ترعى وتصون حقوق الأحياء من الصحفيين والأموات.

هيئة الصحفيين في المملكة من مُضحكات الزمن ومُبكياته، فكرها ديناصوري وثلاثة أرباع منتسبيها ليسوا صحفيين، حِراكها إن وُجد كدبيب النمل لا تسمع له صوتاً، مُخرجاتها معدومة، لم نرها تصدّت لأزمة أو أخذت مكانها في المحاكم لتُساند صحفيا بقضية، لم نسمع أن طالبت بالحقوق الضائعة لذوي المهنة والتي طال أمد سدادها لسنوات أو شيّعت -سواء بالمسؤولية أو الفزعة الأخلاقية- جثمان صحفي لمثواه الأخير أو حتى نعته!

هيئة الصحفيين هيئة مُغيّبة، عديمة النفع لمن أُسست لأجلهم، ابتعدت عن أهدافها الحقيقية وتحولت الآن إلى “كائن مشوه” ضيّع هويته وحتى مشيته، تعمل بلا اُطر ولا ضوابط كغيرها من الهيئات والنقابات المثيلة في كل مكان في العالم، تم تدشين لافتتها لأهداف عظيمة ومن ثم غابت الأهداف وبقيت اللافتة فقط!

ماذا قدمت الهيئة للصحفيين؟ هل ناصرت الصحف الورقية يوم أهانها أصحاب المال وقياصرة الإعلان؟! هل ناصرت الصحفيين ممن تأخرت -وربما ضاعت- حقوق سنواتهم الطويلة؟! هل قدمت دواءً لصحفي؟! هل صنعت بُشريات أو أملاً لشباب المهنة الواقفين على مفترق طريق بين بقاء العمل أو ضياع العمل؟!

من هم أعضاء هيئة الصحفيين السعوديين؟ كيف دخلوها؟ وما المميزات التي حازوها؟ وما هي المعايير التي بموجبها نالوا عضويتها؟ أسئلة يعرف إجابتها كل صحفي مُعتز بمهنته ونأى بنفسه عن عضوية لا تُسمن ولا تُغني من جوع!

هيئة بإمكان كل من يريد الحصول على عضويتها أن يدفع وينضم، فقط المطلوب أن تدفع لتحصل على بطاقتها أياً كانت مهنتك في “الدكان”

ومع غرابة عالم هيئة الصحفيين الضبابي يبقى اللافت والغريب أن الجمعيات الرديفة التي أقامت نفسها بنفسها كـ “إعلاميون” مثلاً هي الأكثر حراكاً وقرباً ووقوفاً في الميدان لتلمُس حاجات أصحاب المهنة، لأنها لم تقبل في عضويتها إلا أبناء المهنة.

هيئة الصحفيين السعودية اسم متى سمعته تخيّلت أن وراء بوابته أعضاء من صُناع الحلول، عشاق مواجهة الأزمات، يعملون للمهنة ورجال المهنة، لا تعنيهم المسميّات البراقة بقدر ما يعنيهم الحل النافذ والسريع لتكتشف أن بعضهم “عوير وصوير وإللي ما فيه خير” .

قصة هيئة الصحفيين -عملاً ومنهجاً وتخطيطاً وأداءً- هي كما ذكرت قصص العجائز، مُسليّة ولكنها لا تغيّر واقعاً.

يعز عليّ وأنا أحد المنشغلين بالهمّ الصحفي وأوجاعه أن أقول للهيئة “أغلقوا دكانكم وروحوا ناموا”.

ختاماً..
لعل بيت ما يجيله ظلالي
ينهدّ من عالي مبانيه للساس

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟