
مديني؛ لا تتنصّل من بياضك.
روان الحجوري
تكسوك المدينة بياضها وهذه ميزة كفلها لك القدر دون اجتهادك، لكن! ثمّة توقعات تثقل كاهل المرء في هذا الخصوص؛ تُسقط عليه ثيمةالمدينة ، فترجوه مكتسبًا سكينتها، جميلًا بسحرها، متخلّقًا بما عُرفعنها،
ولا ينتهي منها إلى أفضال دائمًا، بل إلى بعض القيود، وحين يتجاوزكل ما سبق مختارًا قناعة أخرى يتمثلها، وربما منطلقًا بتلقائيته دوناحتساب، فستأتيه الملامة غير مقصورة بصفته هو، وتعليلها: أنتمديني فكيف فعلت ذلك؟!
أجد بعض التوبيخات مستحقّة، فانتمائك لأرض طيبة الطيبة يشكلردع وقائي يربأ بك عن بعض الأمور فكيف يدعّي الواحد منا عمقانتماءاته دون أن يصدقها بأفعاله؟
لكني في الآن ذاته أتساءل عن ما جاوز المدى ومضى في طريقه لاغيًاحق الفرد في التعبير عن قناعات مختلفة، حقّه في ارتكاب الخطأ،مفترضًا صفات معينة يتوجّب ارتداءها لكل من كان ، أين تختفيمعقولية النظر للجوانب الأخرى التي تشكّل هذا المُلام، وماهي الصفةالتي أكسبتنا استحقاق إطلاق التوبيخ؟ وأحيانًا، مزحتنا الثقيلة.
أحيانًا أخرى ألحظ فجوة لا منطقية، تعجز عن إيجاد رابط بين حكمناالصادر والفعل الذي رأينا، والذي ليس بالضرورة أن يكون خاطئًا،فقد يكون رأي يخالفنا لا أكثر، شخصية ليست في نطاقنا، لا تتمثلأفكارنا، إنما خرجت عن دائرة التشابه، فهل بالضرورة أن يسيءاختلافها لانتمائها؟ وما هي معايير هذا الانتماء في الأصل؟ هلواضحة؟ أم نسبية؟ أم متقولبة بحسب هوى قائلها؟
أنطلق من تساؤلاتي هذه والنّبع إسراف شهدته، يحكم التصرفاتتحت ذريعة: لا تفعل فأنت مديني، لصوتك طبقة معينة، لنشاطك نمط،ولتفضيلاتك صفة مُسبقة، عليها أن تكون مسكًا وريحانًا، وإلّا،فستلاحقك خيبة عدم تمثيل انتماءك بالصورة التي تجب،
أرى أن الفصل واجب، وتقنين استخدام هذه الملامة فيما يخصها فقطهو ما يُبقي على قيمتها، وإلا لأصبحت خالية التأثير، تُستنكربسُخرية.