استراتيجية تربية النسور مع منصة مدرستي

بقلم: سامية المغامسي

يستوقفني كثيرا تملل الأمهات وتضجرهن من المنصة، والشكوى التي صارت حديث المجالس الآن، وعندما أُبادر لسؤال إحداهن عن صف إبنها أو إبنتها، أتفاجئ بأن عمره لا يُوحي بهذه المساعدة التي تُقدّم له، فالطالب في سن لابد فيه أن يعتمد على نفسه، خاصةً أن هذا الجيل ذكي جدا في التعامل مع الأجهزة، فبمجرد تعلمه على دخول الفصل الافتراضي ومعرفته في أول أسبوع بأساسيات التعليم عن بُعد يكفي، تخيليه أيتها الأم أنه في المدرسة الآن بدلاً من المنصة ك، ماذا ستفعلين حينها؟ ضعي في بالك أنه ربما يكون مهملاً أو نائماً أو متفوقاً أو شارد الذهن.

ضعي كل هذة الخيارات أمامك، فالمنصة مثلها مثل الصف تماماً، دعيه يُبادر ويجتهد ويبحث ويفكر ويشارك من نفسه وابدأي بالابتعاد عنه تدريجياً حتى يعتمد على نفسه ويتفوق على قدراته دون مساعدة منك خاصةً إذا كان ممن هو أعلى من الصف الثالث الابتدائي.

طبقوا مع أبنائكم استراتيجية تربية النسور، هل سمعتم عنها من قبل؟!
سأوضحها لكم كما وضحها لنا الكاتب الدكتور مسلم تسابحجي في كتابه (أبناؤنا جواهر ولكننا حدَّادون).

وهي تتلخص في التالي:
تدريب الأبناء على الاستقلالية في أبكر وقتٍ ممكن، ومن ثم الانسحاب التدريجي من حياتهم مع البقاء معهم بصفتنا مراجع وخبرات يستعين بها الأبناء عند الحاجة.

فالنسور تبني أعشاشها عالياً في قمم الجبال الشاهقة حيث العواصف والثلوج والأمطار، وبعد بناء العش الضخم يضع في داخله مجموعة من الحصى والقطع الزجاجية، وحينما تُولد صغار النسور يوفر لهم الآباء التغذية من طعامهم، وحينما يكبر الصغار تبدأ الأم تدريجياً في زيادة مستوى قسوة الحياة في العش شيئا فشيئاً فيبدأ الصغار بتسلق جوانب العش الضخم هرباً من هذة القسوة وأخيراً تزيد الأم من قسوة الحياة في العش لأبعد حد فلا تترك لصغارها سوى الصخور والحصى والزجاج، وهنا يبدأ مفعول الحب القاسي، فعندما يبلغ الصغار قمة العش تدفعُ الأم واحداً ليندفع بسرعة شديدة إلى أسفل حتى يبدو الأمر كما لو كان سيلقى حتفه على الصخور المدببة، وفي اللحظة الأخيرة تندفع الأم إلى أسفل وتتلقى صغيرها على ظهرها، ثم تُكرر هذة الأم العملية إلى أن يتعلم كل الصغار الطيران بأنفسهم؛ وهنا تنتهي وظيفة الأم، وتلك هي التربية الناجحة.

ابدأوا من الآن بتطبيق استراتيجية النسور مع أبنائكم في المنصة، جهزوا لهم المكان المناسب ووفروا لهم الجهاز المناسب، وضعوا لهم المكمّلات الغذائية المناسبة التي تُجدد نشاطهم واتركوهم يحاولوا ويجتهدوا ليصلوا لأعلى الدرجات، وياحبذا لو نطبق معهم هذه الاستراتيجية في كل أمور الحياة.

اتركوهم يخطئوا ليتعلموا.. اتركوهم يحاولوا لينجحوا.