الشبكات الصينية تتحدى العالم

بقلم: سمير الجنيد

في عام 1999 م قررت الصين أن تنأى بنفسها عن الشبكة العنكبوتية العالمية وأن تحمي خصوصيتها عبر إيجاد بديل لكل خدمة متوفرة على تلك الشبكة، وبدأت تتضح هذه الخطوة مع ظهور البريد المجاني من أمريكان أون لاين AOL وبعدها هوتميل وياهو وتعدد المنافسين كلهم طمعاً في قاعدة مستخدمين أكبر، وهذا ما دفع مستثمرين صينيين في المغامرة بدخول المنافسة بتأسيس شبكة QQ لتكون مزود بريد إلكتروني وتبع ذلك خدماتها الشاملة كمحرك بحث ومركز إخباري ومدونات وشبكة تواصل اجتماعي ومنصة محادثة مباشرة لتكون الملاذ الآمن للصينيين بخصوصيتهم لتبقى بداخل بلدهم واستمرت البدائل بالظهور مثل WeChat الذي يعتبر تطبيق محادثة بديل عن واتساب وكذلك منصة دفع ومحفظة إلكترونية بالجيب، فأصبح لكل تقنية بديل لها في الصين، وحاولت الحكومة الصينية طوال الفترة الفائتة منع الشبكات الأجنبية من تقديم خدماتها في الصين إلا بشروط منها توفير ممثل يكون مقره داخل الصين.

السنوات الأخيرة قررت الصين بواسطة مستثمريها الخروج إلى العالم متبعة نفس خطوات الشركات الأمريكية المهيمنة على عالم الإنترنت مثل فيسبوك وجوجل وتويتر، وكانت تجربتهم الأولى في السوق الهندي عام 2016 م عبر تطبيق مشاركة الفيديو VMate وتبع ذلك خطوات عدة منها تأسيس شبكات خاصة ببعض البلدان وتقف الصين خلفها كشبكة التواصل الاجتماعية Helo المخصصة للهند وباكستان وبنغلاديش. وشبكات أخرى موجودة سلفاً في السوق الصيني وقررت إعادة الظهور للعالم بطابع غير صيني مثل التطبيق الشهير دوين Douyin الذي تم إطلاقه عام 2012 م وأعيد تسميته بعام 2016 م إلى تيك توك TikTok، وهذا كله جزء من توسعها ليطال الألعاب الأكثر شعبية مثل ببجي PUBG وكول أوف دوتي، ويتبع ذلك أيضاً استغلالها للفرص المتاحة في التجارة الإلكترونية عبر الدخول للأسواق العالمية بمنصاتها كمجموعة علي بابا وشي إن وجولي شيك مع تعزيز هذه الفرص بفتح مستودعات بمعظم الدول بما فيها السعودية وكذلك التعاقد مع مزودي خدمات التوصيل لتوفير حلول تنافس المنصات الأمريكية والأوروبية حول العالم كخدمة الدفع عند الاستلام.

تبقى الصين هي التنين القادم الذي قد نضطر يوماً للتخلي عن التقنيات والبرمجيات الأمريكية لنستخدم بدائل صينية عنها توازيها بالكفاءة وتنافسها في التكلفة، سواءً على مستوى القطاع الفردي أو لحلول الأعمال التي تسيطر عليها البرمجيات الأمريكية والأوروبية حالياً سواءً بأنظمتها التشغيلية أو برمجياتها الخدمية الشاملة، ليبقى هذا الجانب ساحة منافسة قد يدخلها أي طرف في المستقبل القريب ويغير موازين هذه الساحة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟