(التنمر) والعزلة الاجتماعية..

ارتبط (التنمر) غالبًا بسن الطفولة أو بسنوات الدراسة -وهو كذلك- والدراسات حوله كثيرة جدًا وطرق الحماية من التنمر متداولة ويستذكرها الناس دائمًا، وكذلك أسباب التنمر ودوافعه وتأثيره على ضحاياه. ولكنه ليس مقصورًا على صغار السن فحسب، بل يطال حتى من بلغ سنًا متقدمة من العمر.
في قضية (التنمر) عناصر أساسية هي الشخصية المتنمرة والضحية هذا إن كانت قضية فردية، ويكون الآخرين في موقف بين التطرف للمتنمر والقليل يتعاطف مع الضحية والأقل يكون في الحياد.
وقد يكون التنمر جماعي بحيث تتنمر مجموعة ترتبط بأنماط في العدائية والنقمة نتيجة التوافق للتكوين النفسي على مجموعة أخرى بقصد الإيذاء والعزل الاجتماعي وتأليب الرأي لأسباب إنسانية أو اجتماعية أو فكرية أو عنصرية.
وهي ظاهرة موجودة في كثير من المجتمعات المحلية والخارجية ولا يمكن إنكارها أو تسطيحها، والحلول إن كانت حاضرة فإنها بنسب زمنية وعلاجية متفاوتة.
ما الذي يجعل طالبًا في مراحل الدراسة يتجه للعزوف التام عن الذهاب للمدرسة إن كان مستواه الدراسي جيدًا؟
وما الذي يضطر موظفًا للاستقالة أو طلب النقل لجهة أخرى وأداؤه الوظيفي طبيعيًا؟
وما الذي يكثر التحزبات داخل مقرات العمل حسب الفئات والتوجهات والانتماءات غير الوظيفية؟
وكم من مبتعث للدراسة في الخارج عاد ولم يكمل مشواره العلمي؟ وكم حالة انتحار حدثت؟ وكم حالة هروب؟ .. تساؤلات كثيرة وكثيرة جدًا يمكن افتراضها في هذه المواقف، وسنجد العلة هي عدم الراحة والاستقرار العاطفي والنفسي والتي من أهم مسبباتها التنمر الذي يُمارس تجاه الضحية!
وكل هؤلاء (الضحايا) سينطوون تحت شبح العزلة الاجتماعية وسيكونون ضغطًا أسريًا واجتماعيًا وأمنيًا رهيبًا.
لكن السؤال العريض يبقى العقدة التي يجب العمل على حلها هو ما الدوافع التي تسيطر على شخصية بطل التنمر؟
فهناك دوافع شعورية يدركها الشخص ويتنمر مختارًا لأسباب كثيرة منها التغذية الأيدولوجية والاعتلالات النفسية، ومن خلالها يكون مقتنعًا قناعة تامة بما يقوم به من سلوك عدائي ضد الآخرين.
ودوافع لا شعورية نتيجة لمخزون اللاوعي خلال فترات سابقة نتيجة تعرضه لصدمات عاطفية ووقوعه بين صراعات أسرية واجتماعية أو تعرضه لحالات من العنف والتحرش في صغره، فيقوده شعوره اللاواعي للعدائية تجاه أي آخر محاولاً تغيير نظرة الآخرين (المتوهمة) تجاهه.
ومع ما تقدمه وزارة التعليم من دور ودورها رئيس من برامج توعوية مثل برنامج (رفق) ويقام بشكل مكثف في أسبوع توعوي، إلا إن الموضوع متشعب ويحتاج تكاتف الجميع من أفراد وأسر وجهات عمل أخرى لعلاج مثل هذه الحالات المرضية ونشر الوعي بكل شفافية كي لا يقع أحد فريسة لهكذا ممارسات وسلوكيات خطيرة.
(كَلامُ أَكثَرِ مَن تَلقى وَمَنظَرُهُ مِمّا يَشُقُّ عَلى الآذانِ وَالحَدَقِ) * المتنبي*

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟