حرات المدينة .. منتزه جيولوجي ومتحف طبيعي!!

بقلم: حسان طاهر

بين مساحات شاسعة من الطبقات البركانية الخامدة في منطقة حرة رهط, وعند تخوم الجبال البارزة وسط أمواج من الصخور السوداء، التقط بعض المرافقين معي في الرحلة التوثيقية للمنطقة صوراً مذهلة لمناظر طبيعية مشؤومة، لكنها جميلة جداً، في حين جلس آخرون في رهبة وسكينة للاستمتاع عن كثب بالمشهد الرائع للمعالم الطبيعية المتكونة فوق مسارات من الحمم المتيبسة التي تتغلغل عبر الصخور السوداء .. كانت لوحة طبيعية ساحرة حقاً، ولم يخطر ببال أحد أن شيئاً بسيطاً مثل هذه الصخور المنصهرة سيُضفي حماساً قل نظيره على المشهد الطبيعي.

للبراكين جذور عميقة في تاريخ الحضارات، وقد لعبت دوراً رئيسياً في الروحانية والأساطير والروايات في العديد من الثقافات. وهي تثير الخيال وتجذب العديد من الزوار لمشاهدة معالمها, وفي بعض الأحيان حممها وأبخرتها, والتي باتت تغذي بشكل غريب صناعة سياحية مربحة. وعلى الرغم من أن ذكر اسمها فقط يستحضر صور الرماد والخوف والرعب, فقد أصبحت مناطق البراكين بشكل متزايد معلما للجذب السياحي في حد ذاتها، فهي توفر للزوار تجربة فريدة من نوعها للتعرف على معالم الطبيعة.

والسؤال هنا: لماذا يفتتن الناس بالبراكين على أي حال؟؟ .. يقول توماس فالتر، الباحث بمركز الأبحاث الألماني لعلوم كوكب الأرض: «إنها تجعل الحركة الدائبة لكوكب الأرض ملموسة». ويضيف «ربما كان هناك أيضا نوع من التفكير التراثي القديم وراء هذا الولع بالبراكين، حيث يقول فالتر «توقظ النار الاهتمام في وجدان البشرية».

واذا ما نظرنا الى طبيعة المدينة المنورة فسنجدها تحظى بتنوع جيولوجي غني, من جبالها وأوديتها الى حراتها التي تحيط بها من كل اتجاه، يأتي في أشهرها حرة واقم، والوبرة، وحرة معصم. ولحرات المدينة خصوصية تختلف عن غيرها من الحرات، فلم تتميز بكونها تقع ضمن أكبر معرض طبيعي حي للبراكين في العالم. بل انفردت بارتباطها ارتباطاً وثيقاً بأحداث السيرة النبوية الشريفة, في عدة مواقع ومناسبات.

لذلك من الأهمية بمكان حين ننظر الى المتاحف الشهيرة حول العالم التي باتت تهتم باستثمار سياحة البراكين وتوثق المعلومات والحقائق حولها لتوفير تجربة غنية للمسافرين, أن نستفيد من هذا المتحف الطبيعي الحي المحيط بالمدينة المنورة والمرتبط بتاريخها النبوي, والذي يوفر لنا بيئة خصبة مكتملة العناصر لهذا النوع من السياحة المتجددة, وبيئة مهيأة أيضاً لاحتضان متحف متخصص في هذا المجال يكون معلما حضاريا وثقافيا للمنطقة.

أخيراً .. حرة رهط عبارة عن حقل بركاني فريد، تقدر مساحته بنحو 20 ألف كيلومتر مربع. تحتوي هذه الحرة على أكثر من 700 فوهة بركانية. وهي واحد من 12 حقل بركانيا في المملكة العربية السعودية، والتي تغطي ما يقارب من 80000 كيلومتر مربع.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟