أيام العُزلة ..

بقلم: سمية جلّون

 

قال أحد الحكماء في مطلع كتاب له يوجه فيه أبنائه ويرشدهم إلى مفاتيح الحكمة (ما وجدت في العُزلة إلا كل ما أعانني على انتهاج درب المعرفة وبالتالي فهمها حتى أصل لما ترونه من الحكمة، وإنكم يا أبنائي لن تكتسبوا هذه الحكمة بالورث مني ولكن من اجتهد في عزلته.. سطع نجمه).
العُزلة وما أدراك ما العُزلة..
في أحد مقالاتي السابقة ذكرت أن ممارسة التأمل والخلوة بالذات هو أحد السلوكيات (العبادات) التي كان يمارسها الأنبياء لتصفية أذهانهم وحلحلة ما يُشوش على يوميات أُممهم..
ومايحدث لنا اليوم في أزمة جائحة كورونا هو عُزلة مقدّرة بحكمة الخالق عز وجل لنترك خارجنا يتشافى ويترتب ونعود إلى داخلنا ليتطهر ويرتقي، فإن لم تكن من أحد ممارسي العُزلة (الخلوة مع الذات) فحان الوقت الآن لتبدأ هذه الرحلة مستعيناً بالله ومتوكلاً عليه بكل نية خالصة لوجهه تطلب فيها وسع رحمته لهدايتك إلى الصراط المستقيم الذي لا تشقى بعده أبداً.
وحتى تحدث هذه النقلة النوعية في طبقات داخلك، كُن على يقين أن مولد كهرباء هذا التغيير هو أفكارك ومعتقداتك وردود أفعالك ونواياك.. فصلاحها وتوازنها هو صلاح وتوازن حياتك وعطائك، وبمجرد أن تسمح بتحرير هذه الطبقات وتتسامح مع كل ماهو عالق في ذهنك وتُسلّم أمرك لمن نفخ فيك الروح فإن ذبذبات هذا المولد ستمتليء بالنور لتضيء عالمك وتزيل الغشاوة عن قلبك وحياتك.
كل ما عليك فعله هو أن تعود إلى هواياتك، وتمارس رياضاتك، وتطور من ذاتك، وتقرأ كتبك وتكتب ما قرأت، وتؤدي عباداتك، وتتبع أعمالك، وتساعد عائلتك وتصل رحمك، وتستثمر الوقت في التخطيط لأموالك، وتساهم في نشر الطمأنينة وتشارك اللعب مع أطفالك، وتزرع بذور الشجاعة وتحمل المسؤولية، وتبعث لمن حولك الأمل وتنتبه لمن يشتت انتباهك.
جنة الدنيا في خلوة الإنسان بذاته ومراقبة أفكاره وتعديل سلوكياته وتصحيح معتقداته، ومسامحة ذكرياته وتنقية نواياه وتجديد أهدافه.
فماذا تختار؟
وماذا ستفعل بعد الإختيار؟

اظهر المزيد

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟