كرة القدم بالمدينة .من لعبة الشيطان إلى المعشوقة

 فرّان خبز اكتشف بدايتها . ودحلان أول مدرب لها

يسردها : سامي المغامسي

بداية كرة القدم بالمدينة المنورة تحمل فصولا من الإثارة والغرابة.. معها نعود لأسماء رحلّت وأماكن تغيّرت . ومع جمال الحكاية يبقى المُدهش حقا في السؤال .. من حمل الكرة لطيبة الطيبة ؟ من أحرز بها أول هدف ؟  كيف كان شكل ملعبها والمسافة الفاصلة بين أحجار مرماها ؟ من هم رموز الكرة المدينية التي بدأوا أول مبارياتها ؟ أسئلة كثيرة في حكاية ترويها حديث المدينة.

حكاية كرة القدم في المدينة يرويها المؤرخ والكاتب الرياضي احمد امين مرشد – صاحب السجل التوثيقي عن الكرة في طيبة الطيبة.

في عام 1348 هـ -وفقا لما وثقه روق بن رايق الاحمدي – قائلا: وصلت إلى المدينة المنورة عام 1348هـ وسكنت في منزل بالمغسيلة ..كنت أعمل فرانا لدى عبد المعين كعكي -رحمة الله عليه -في زقاق الطيار. لم أكن أعرف وقتها القراءة والكتابة  .كل ساعات يومي أقضيها في فرن الخبز.

وفي يوم وتحديدا اثناء خروجي من الفرن لفت نظري رجل شكله إندونيسي يحمل كرة في يده سألته: ما الذي تحمله في يدك؟  قال كرة قلت : ماذا تعمل بها؟  قال: ألعب بها بالقدم. وعلى الفور طلبت منه المشاركة واتفقنا على أن نلتقي عصرا عند القبة في المناحة .. لعبنا سويا لتكون هذه هي البداية الحقيقية لدخول كرة القدم في المدينة وأصبحا نشكل فريقا من الذين يعملون معنا وأصبح دحلان يدربنا على لعب الكرة.

سألنا دحلان ..  لماذا اخترت المدينة؟  قال ذهبت الي مكة المكرمة وطردوني ووصفوا الكرة بـ ( لعبة  الشيطان)

شكلنا فريقا أكبر وبدأنا نلعب في ساحة العطن ومن ضمن الذين يلعبون معنا عبد العزيز دبوب والعم محمد تكر والعم حزام عابد .. هؤلاء كانوا لا يلعبون الكرة بل كانوا يجمعون الكور عند خروجها من الملعب

جاء الهجانة من فئة الشباب –  بعد دخول المدينة المنورة في عهد الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه – واستهوتهم اللعبة  ومنهم حسن مصطفى صيرفي – وعبد المحسن حكيم

بدأ الاثنان في البحث عن ملعب أخر لمزاولة كرة القدم فكان اتجاههما إلى منطقة الإجابة ووقع اختيارهم على أرض بيضاء شمال غرب مسجد الإجابة , ولكن المشكلة التي صادفتهم وجود مجرى للمياه ( دبل ) في وسط الأرض .

يقول حسن صيرفي رحمه الله :  ” بدأنا في البحث عن طريقة لدفن هذا المجرى ووجدنا صاحب عربة (كرو ) وتمسك بسعر الرد ( ربع ريال ) واتفقنا على ذلك وبدأنا في حساب مجموع الردود التي ستكلف تقريباً ( ستة ريالات ) وهو مبلغ كبير ساهمت ومعي عبد المحسن حكيم بالقسط الأكبر ودفع الزملاء كل شخص حسب مقدرته

ويضيف الشيخ حسن  : واجهتنا مشكلة تحديد أرض الملعب طولاً وعرضاً ثم المشكلة الأخرى كم سيكون عرض المرمى؟ ومن يشتري الكرة؟ وأين نحتفظ بها بعد اللعب ..هذه التساؤلات وقفت أمامنا عائقاً كجبل أحد , وبعد مشاورات اتفقنا على أن يكون عرض الملعب30متراً وطوله 60 متراً , أما المرمى فلا يبعد الحجر عن الأخر أكثر من ثلاثة أمتار ولعدم وجود وحدة قياس قمنا بحساب أن الخطوة الواسعة تعتبر متراً .

الطريف أن حارس المرمى عندما يشاهد قوة الفريق الخصم يقوم بتقريب أحد الحجارة ليقلل المسافة , ومرة ينجح ومرة ” يصيدوه” ويطلب الفريق الخصم بضربة جزاء لأن الكرة التي حاولوا بها تحقيق هدف مرت من نفس المكان الذي كان به الحجر قبل تحريكه. وبعد فترة بدأ الشباب يحيطون بالملعب لمشاهدتنا ويتمركز معظمهم خلف البواب (حارس المرمى) لإرجاع الكرة.

وبالنسبة للملابس يقول الشيخ حسن رحمه الله: لم يكن أحدنا يجرؤ على خلع ثوبه أو رفعه أو حتى خلع عمامته , ولكن سبب تغيير الملابس عندما قدم فريق مدرسة الفلاح من جدة ولعبنا معهم مباراة هزمناهم فيها , وشاهدناهم بذلك اللبس الجميل والشورتات فكانت البداية لنا للتغيير.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟