مونديال المفارقات بين حلم ميسي وواقعية نيمار
الدكتور فهد الجهني
تتجه أنظار الملايين من عشاق كرة القدم حول العالم، في العشرين من نوفمبر الجاري، لمتابعة بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022م، والتي تقام لأول مرة في تاريخها في الخليج والوطن العربي، وتستضيفها دولة قطر، أما على مستوى قارة آسيا فتقام للمرة الثانية بعد نسخة 2002م التي أقيمت مشتركة بين كوريا الجنوبية واليابان.
نسخة الدوحة تعتبر الأكثر إثارة، من حيث المفارقات والتفاصيل التي سترافق سير البطولة التي ستشهد ملاعبها ختام المسيرة الكروية للعديد من نجوم المنتخبات المشاركة، يأتي في طليعتهم أسطورة كرة القدم الأرجنتينية ليونيل ميسي، والذي أعلن أن مونديال قطر 2022 سيكون محطته الأخيرة في مسيرته الحافلة بالإنجازات، ويراوده حلم تحقيق اللقب الأهم والأغلى على مستوى العالم في ختام مشواره الكروي.
ويأتي من ضمن المغادرين لعالم الكرة أبرز حراس المرمى مانويل حارس المنتخب الألماني، والكرواتي صاحب اللمسة الساحرة مودريتش، فيما سيفتقد عشاق التهديف ملك الصندوق وأفضل مهاجم على مستوى العالم البولندي روبرت ليفاندوفسكي، إضافة إلى نجم المنتخب الإسباني راموس، والفرنسي كريم بنزيما، وأسطورة منتخب الأرجواي سواريز.
فيما يختم نجم الشو الكروي البرتغالي كريستيانو رونالدو مشواره المونديالي بأمنيات وطموح لا حدود لها نحو تحقيق البطولة، وخلال آخر مؤتمر رياضي دولي (وقد حظيت بحضوره) تحدث هذا النجم الناري في إحدى جلساته بإسهاب عن الإصرار والقتالية لتحقيق الفوز على الخصوم، وعطفا على معطيات ما قدمه من إبداعات توجها بالبطولات والانتقالات المليوينة، فإن رأيه يحترم، ويكفي أن سجله حافل بخمس كرات ذهبية كأفضل لاعب.
كذلك الحال بالنسبة للنجم البرازيلي نيمار الذي اعترف بأنه لا يتوقع خوض نهائيات كأس العالم مرة أخرى بعد نسخة عام 2022م، فيما أشار إلى أن منتخب بلاده يعد الأفضل والمرشح الأول لنيل كأس البطولة.
قد نتفق فنيا مع نيمار، لكن كرة القدم، يا عزيزي نيمار، ومن وجهة نظر شخصية، كمتعة في الأداء والنهج الهجومي الجميل يتسيدها نجوم أمريكا الجنوبية، ولكن كعلم وبيانات وتوظيف وقراءة للخوارزميات وترجمتها وربطها مع الأداء، فهي لدى منتخبات القارة العجوز الأوربية التي نالت كأس البطولة في آخر أربع نسخ تواليا، عبر منتخبات كل من: إيطاليا 2006م، وإسبانيا 2010م، وألمانيا 2014م، وفرنسا 2018م.
واللافت في النسخة القادمة أن وجه كرة القدم عالميا سيتغير على مستوى الأداء والمتابعة، ويرجع ذلك إلى أن الملاعب ستفقد هذا النوع الفاخر من النجوم.
ولا يخفى على المتابع الجيد التوجه عالميا نحو الثورة المعرفية وتكنولوجيا البيانات في كرة القدم، والتي يبرع فيها الأوربيون، وبخاصة الألمان، وأصبحت علما يغير بمخرجاته مسار اللعب والنتيجة، وأصبح علم تحليل الأداء لا يقتصر على معرفة معلومات عن الفريق المنافس أو قدرات وإمكانات فريقك، بل تجاوز ذلك إلى الإبداع في عمل توليفة الانتصار، بإضافة ما لديك من معلومات وبيانات وكيفية الاستفادة القصوى منها لصالح فريقك أمام خصومه.
وتتنافس شركات تحليل الأداء في اكتشاف وابتكار نظم جديدة في جمع وتحليل البيانات، تشمل حتى الوصول لتقنيات تساعد على تقديم معلومات تتضمن براعة اللاعب في تسجيل الأهداف، قدراته البدنية، نسبة امتلاكه وسيطرته على الكرة، تمريراته الصحيحة، والمسافة التي يقطعها في الملعب خلال المباراة، بل إن ألمانيا تجاوزت ذلك، وأصبحت تقدم للجماهير معلومات بلغة الأرقام من الممكن الوصول إليها عن كل مباراة.
ختاما.. كرة القدم أصبحت صناعة، ويمثل الاهتمام بالقاعدة والاحتراف الخارجي للاعبين أهم مؤشرات تطورها.