الصندوق الأخضر.. وعالمية الفن السعودي المعاصر

لا شك أن الفن المعاصر رغم اعتباره منهجاً جديداً في عالم الفن اليوم ، ولا يتصل بما سبقه من المدارس الفنية السابقة عبر التاريخ، الا أنه فنٌ يسعى لتوصيل الرسالة التي تعبّر عن قضايا المجتمع وواقعه اليومي. فهو يتسم بطبيعة ديناميكية تتفاعل مع محيطها، متأثراً بالعولمة ومعبراً عن تعدد الثقافات، وهذا ما أكسبه روحاً متجددة وأنماطاً متعددة ومفاهيم مختلفة يوماً بعد يوم. لذلك فهو فنٌ ينتمي لحياة المجتمع اليوم أكثر من أي شيء آخر.
وفي ظل التطور العالمي المتسارع الذي نشهده في كافة مجالات الفن المختلفة، فإنه من الجميل ما نشاهده اليوم من رحلات دائمة لأعمال الفن المعاصر السعودي بين أقطاب عواصم العالم الفنية، بمعارض وأعمال شكلت الصورة الثرية للإمكانات الفنية للفنان السعودي؛ لتبقى أعمال العشرات من الفنانين السعوديين محلقة على مشهد الذائقة الفنية العالمية، معززة الدور الحضاري بين السعودية والفن.
ومما جذب انتباهي مؤخراً في هذا الجانب أثناء حديثي مع أحد الفنانيين السعوديين مفاجأته لي بوجود متحف أجنبي في قلب هولندا، وعلى بعد أمتار قليلة من متحف فان جوخ الشهير، متخصص بالفن السعودي المعاصر فقط .. نعم انه متحف الصندوق الأخضر Greenbox museum
هذا المتحف أنشيء بمبادرة فردية من صاحبه المثقف الهولندي أرنوت هلب ، ليشكِّل ظاهرة لافتة للفن السعودي المعاصر ، ويثير العديد من التساؤلات ويلقى المزيد من الإعجاب والاستعجاب.
إن إنشاء متحف متخصص للفن السعودي المعاصر خارج السعودية حدثٌ يستدعي التوقف أمامه، فما بالك حين يكون المتحف في قلب هولندا بالذات، فإن هذا يضاعف من أهميته، كون الهولنديين ذواقين للفن من الطراز الرفيع. فهولندا بلد تزعمت الفنون التشكيلية منذ عصر النهضة وحتى اليوم.
وحين تبحث عن السبب لانشاء هذا المتحف تجد أن صاحب المتحف لا تهمه الحدود الجغرافية للمملكة العربية السعودية بقدر ما يهمه فضاؤها الشاسع، وعقول المسلمين فيها، حيث تحضر دائماً مكة المكرمة كمدينة أساس ومحور للمرجعيات.. هذا هو الفضاء الذي يعمل فيه المتحف.
المتحف ليس ضخماً، وهو أقرب إلى المتاحف الخاصة، فضمن مساحة لا تتجاوز الثمانين متراً مربعاً، وعلى جدران ذات لون أخضر فاتح، وتحت إضاءة ممتازة، يعرض هذا المتحف نحو 35 عملاً من أصل المجموعة التي يمتلكها صاحبه والتي تضم نحو 80 عملاً، لأسماء معروفة جيداً على الساحة السعودية وتشمل على سبيل المثال: عبدالناصر غارم، ريم الفيصل، أحمد ماطر، ناصر السالم، سارة أبو عبدالله، مها ملّوح، عبدالله العثمان وغيرهم..
أخيراً .. أعلنت وزارة الثقافة السعودية عن تأسيس «المتحف السعودي للفن المعاصر» بالتعاون مع هيئة تطوير بوابة الدرعية، والذي يهدف إلى تحقيق أدوار مهمة في المشهد الثقافي السعودي؛ من أهمها تعزيز وتشجيع الفن الوطني ليصبح المتحف مركزاً للهوية البصرية السعودية، ومنصة لترويج أفضل القطع الفنية المعاصرة.
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟