صديقي الذي ما عاد شريفاً !!
بقلم: محمد البلادي
يبدو أننا قد بلغنا حالاً متردية من الهوس بالمسميات والافتتان بالألقاب ، فكل يوم ننزلق أكثر وأكثر تجاه هذا الجنون ، وما تصدّرنا -كعرب – لقائمة من يحملون شهادات الدكتوراه التي يثبت واقعنا التنموي زيفها وكذبها ؛ إلّا شاهداً على رواج سوق الزيف والكذب في عالمنا العربي الـمتورم كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد .
اللافت أن للعرب مذاهبهم المختلفة في أسواق الزيف ، فمنهم من يشتري لقبا علمياً ليصبح دكتوراً رغم أنه لايعرف الفرق بين التاء المربوطة وشقيقتها المفتوحة ، ومنهم من يشتري وجهاً افتراضياً في الإنترنت يمثّل به دور ( الراقي المقدس ) النافث في عقد المرضى والمتعبين ، أو الواعظ الحادب على شؤون الآمة ، ومنهم من يذهب غير هذه المذاهب فيشتري نسباً يلوذ به من جحيم طبقيتنا المرعبة ! . ومن طرائف النوع الأخير أن احدهم فاجأني ذات يوم ببطاقة تصل نسبه بالدوحة المحمدية الشريفة ، ورغم أن ( سحنة) صديقي هذا لا تدل من بعيد أو قريب على اتصاله بسيد الخلق ولا بالعرب أصلا ، إلا انه كان في قمة النرجسية وهو يطلب مني ألّا أناديه بعد اليوم إلا بالشريف، بعد دخوله – كما يزعم – نادي الشرف بهذا ( الكرنيه ) الذي علمت فيما بعد انه يمكن الحصول عليه من إحدى الدول المجاورة ممهوراً ومختوماً وموصّلاً الى البيت على طريقة ( البيتزا) مقابل 2000 ريال فقط .! .
صاحبنا هذا الذي استغلق عليه فهم أن (الشرف ) بمفهومه الواسع يتنافى مع فعلته النكراء هو ضحية بالطبع لطبقية وعنصرية لاترحم ، كما انه نتاج في الوقت نفسه لثقافة مجتمع يهتم بالمسميات والألقاب والشهادات أكثر من اهتمامه بالأفعال والإنتاج والاعتداد بالنفس .. ثقافة ( هياط ) سقط معظم افرادها في فخ الاستسهال لأنها تهتم بالمظهر أكثر من أي شيء آخر . لذا فمن الطبيعي أن يتحول النسب الشريف إلى بضاعة في يد بعض المرتزقة طالما وجدوا من يتهافت على بضاعتهم ويروّج لها ! .
كنت شريفاً يا صديقي قبل أن تسقط في وحل الزيف والكذب لتتجمل؟! .. كنت أجمل عندما كنت صادقاً .. فالشرف ليس سلعة ، الشرف يا صديقي في الكلمات، في الوعد، في العمل .. لذا لا تكن شريفاً في أمر ما، وأقل شرفاً في أمر آخر.. كن شريفاً في كل أمور حياتك.
Sent from my iPhone