قيس بن الخطيم..​

شاعر من المدينة

شاعر ضخم، وتاريخ مهم في مسيرة شعر العربية، ترجم له الزركلي في أعلامه فقال:

“قيس بن الخطيم بن عدي الأوسي، أبو يزيد، شاعر الأوس، وأحد صناديدها في الجاهلية، أول ما اشتهر به تتبعه قاتلي أبيه وجده حتى قتلهما، وقال في ذلك شعرًا، وله في وقعة «بعاث» التي كانت بين الأوس والخزرج، قبل الهجرة، أشعار كثيرة، أدرك الإسلام وتريث في قبوله، فقتل قبل أن يدخل فيه. شعره جيد، وفي الأدباء من يفضله على شعر حسان.”

وفي مقدمة ديوانه يقول محققه الدكتور ناصر الدين الأسد:” قال حسان بن ثابت: إنا إذا نافرتنا العرب فأردنا أن نخرج الحِبَرات من شعرنا (والحِبَرات ضرب من ضروب برود اليمن موشاة مخططة) أتينا بشعر قيس بن الخطيم.

وقامت الأنصار إلى جرير في بعض قدماته إلى المدينة، فقالوا: أنشدنا يا أبا حزرة. فقال: أنشد قوما منهم الذي يقول:

ما تمنعي يقظى فقد تؤتينه     في النوم غير مصرّد محسوبِ

وكان معاوية بن أبي سفيان إذا قدم عليه وفد المدينة قال: انشروا علينا حِبَرات قيس.

وكان أبناء حذيفة بن بدر الفزاري يعتزون ببيت قاله قيس يذكر فيه حذيفة، حتى لقد قال أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة لعبد الملك بن مروان: ما يسرنا أن لنا به حمر النعم. (والبيت المقصود: هَمَمنا بِالإِقامَةِ ثُمَّ سِرنا         كَسَيرِ حُذَيفَةِ الخَيرِ بنِ بَدرِ)

وقال الشريف المرتضى: وقد قال الناس في الطيف والخيال فأكثروا، وقد سبق في ذلك قيس بن الخطيم إلى معنى كل الناس فيه عيال عليه …

بل لقد روى محمد بن سلام، والمرزباني أن من الناس من يفضله على حسان شعرًا “

تفنن شاعرنا في مجالات القول فنطم في الغزل والمدح والهجاء والحكمة. ومن شهير شعره:

إِذا جاوَزَ الإِثنَينِ سِرٌّ فَإِنَّهُ

                لنَشرٍ وَتَكثيرِ الحَديثِ قَمينُ

وَإِن ضَيَّعَ الإِخوانُ سِرّاً فَإِنَّني

                    كَتومٌ لِأَسرارِ العَشيرِ أَمينُ

يَكونُ لَهُ عِندي إِذا ما ضَمِنتُهُ

                       مَقَرٌّ بِسَوداءِ الفُؤادِ كَنينُ

سَلي مَن نَديمي في النَدامى وَمَألَفي

               وَمَن هُوَ لي عِندَ الصَفاءِ خَدينُ

وَأَيُّ أَخي حَربٍ إِذا هِيَ شَمَّرَت

                    وَمِدرَهِ خَصمٍ بَعدَ ذاكَ أَكونُ

وَهَل يَحذَرُ الجارُ الغَريبُ فَجيعَتي

              وَخَوني وَبَعضُ المُقرِفينَ خَؤونُ

وَما لَمَعَت عَيني لِغِرَّةِ جارَةٍ

                 وَلا وَدَّعَت بِالذَمِّ حينَ تَبينُ

أَبى الذَمَّ آباءٌ نَمَتني جُدودُهُم

             وَمَجدي لِمَجدِ الصالِحينَ مُعينُ

فَذَلِكَ ما قَد تَعلَمينَ وَإِنَّني

            لَجَلدٌ عَلى رَيبِ الخُطوبِ مَتينُ

وله من شعر الحرب:

أَلَمَّ خَيالُ لَيلى أُمِّ عَمروِ

                   وَلَم يُلمِم بِنا إِلّا لِأَمرِ

تَقولُ ظَعينَتي لَمّا اِستَقَلَّت

             أَتَترُكُ ما جَمَعتَ صَريمَ سَحرِ

فَقُلتُ لَها ذَريني إِنَّ مالي

                   يَروحُ إِذا غَلَبتُهُمُ وَيَسري

فَلَستُ لِحاصِنٍ إِن لَم تَرونا

               نجادِلُكُم كَأَنّا شَربُ خَمرِ

وَتَحمِلُ حَربَهُم عَنّا قُرَيشٌ

                       كَأَنَّ بَنانَهُم تَفريكُ بُسرِ

وَتُدرِكُ في الخَزارِجِ كُلَّ وِترٍ

                     بِذَمِّ الكاهِنَينِ وَذَمِّ عَمروِ

زَجَرنا النَخلَ وَالآطامَ حَتّى

                       إِذا هِيَ لَم تُشَيِّعنا لِزَجرِ

هَمَمنا بِالإِقامَةِ ثُمَّ سِرنا

                      كَسَيرِ حُذَيفَةِ الخَيرِ بنِ بَدرِ

وَرِثنا المَجدَ قَد عَلِمَت مَعَدٌّ

                     فَلَم نُغلَب وَلَم نُسبَق بِوِترِ

مَتى تَلقَوا رِجالَ الأَوسِ تَلقَوا

                    لِباسَ أَساوِدٍ وَجُلودَ نُمرِ

وَنَصدُقُ في الصَباحِ إِذا اِلتَقَينا

                وَلَو كانَ الصَباحُ جَحيمَ جَمرِ

أَلا أَبلِغ بَني ظَفَرٍ رَسولاً

                   فَلَم نَذلِل بِيَثرِبَ غَيرَ شَهرِ

خُذِلناهُ وَأَسلَمنا المَوالي

                  وَفارَقنا الصَريحُ لِغَيرِ فَقرِ

أَبَحنا المُسبِغينَ كَما أَباحَت

                      يَمانونا بَني سَعدِ بنِ بَكرِ

فَإِن نَلحَق بِأَبرَهَةَ اليَماني

                      وَنُعمانٍ يُوَجِّهُنا وَعَمروِ

وَإِن نَنزِل بِذي النَجَداتِ كُرزٍ

                     نُلاقِ لَدَيهِ شُرباً غَيرَ نَزرِ

لَهُ سَجلانِ سَجلٌ مِن صَريحٍ

               وَسَجلُ تَريكَةٍ بِعَتيقِ خَمرِ

وَنَمنَعُ ما أَرادوا لا يُعانى

                 مُقيمٌ في المَحَلَّةِ وَسطَ قَسرِ

وَإِن تَغدو بِنا غَطَفانُ نُردِف

                      نِساءَهُمُ وَنَقتُل كُلَّ صَقرِ

فَنَحنُ النازِلونَ عَلى المَنايا

                  وَنَحنُ الآخِذونَ بِكُلِّ ثَغرِ

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟