نقطة (الشمال)
بقلم: عبد الحق بشير العقبي
محور الشمال والجنوب يفيض بالأحداث التاريخية المهمة في ديننا الإسلامي فهو محور ذو اتجاهين اثنين ولكل اتجاه صفة لازمة فالحركة من الجنوب إلى الشمال صفتها اللازمة (الأمان من الخوف) ومثال ذلك رحلة القرشيين في الصيف من مكة المكرمة إلى الشام وصفتها (وآمنهم من خوف) ورحلة الهجرة المباركة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة (أمان من الخوف). ورحلة موسى عليه السلام عند ما خافت عليه أمه فألقته في نهر النيل الذي يتدفق من الجنوب إلى الشمال (أمان من الخوف). ورمي الجمرات من الصغرى إلى العقبة من الجنوب إلى الشمال استعاذة وتكبير رجاء الأمان من الخوف وحركة المشاعر المقدسة من عرفات ثم مزدلفة إلى منى رحلة الغفران من الذنوب وذلك منتهى الأمان من الخوف وأعظم معجزات رحلة الأمان من الخوف كانت في الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى من الجنوب إلى الشمال، والصفا والمروة سعي يبدأ بالتكبير من الجنوب إلى الشمال ثم العودة من الشمال إلى الجنوب ومع هذه العودة من الشمال إلى الجنوب صفة لازمة أخرى هي (النصر والرخاء والفتح والعظيم) ومثال ذلك رحلة القرشيين من مكة المكرمة إلى اليمن في الشتاء صفتها (أطعمهم من جوع) وذلك هو الرخاء. ورحلة فتح مكة المكرمة كانت من الشمال إلى الجنوب والنصر المبين في غزوة بدر كان طريقه من الشمال إلى الجنوب وعودة موسى عليه السلام إلى أمه نصر مبين ورحلة العودة من الإسراء والمعراج كانت من الشمال إلى الجنوب حيث وجد المصطفى عليه السلام التمكين والثبات على الحق. محور الشمال والجنوب هو المحور الذي دعا له المصطفى عليه السلام بالبركة. والعالم في أيامنا هذه استبدل تقسيم الثقافات والمجتمعات الإنسانية من الشرق، حيث العلوم والفنون والروحانيات، والغرب حيث المنطق والعقل والمادة. واستبدلوها باتجاه الشمال حيث التسلط والقهر والتنوير العلمي والرخاء الاقتصادي. والجنوب حيث المخزون الهائل للكنوز الأرضية من النفط والمعادن النفيسة يقابله الكثافة السكانية الهائلة والفقر والمرض والكسل والاستعمار.
وليس هذا المحور الاستثنائي حكر على البشر بل هو من المؤثرات السلوكية على الطيور والحيوانات وغيرها من الأحياء. وينتهي بنا المطاف عند جبل أحد جبل يقبع عند حد المدينة المنورة الشمالي باسط جسده الأحمر الممتد في وسط حرة بني حارثة مطلاً على المدينة المنورة بوجهه المشرق تربطنا به علاقة محبة أبدية فهو جبل يحبنا ونحبه.
