حتى لا نعتاد على التلوث البصري
بقلم الدكتور: فهد عبدالكريم تركستاني
الناشط البيئي
ظهرت في السنتين الأخيرتين صيحة مفادها أي تشوه للمنازل سواء الكتابة على الجدار أو الكباري وخلافة أنه هو فقط التلوث البصري حتى قامت فعاليات وجهود من قبل فرق تطوعية وجمعيات لهذه الظاهرة مع العلم أن ما هي إلا جزء أو أحد أنواع التلوث البصري الذي يُعرّف بأنه أي تشويه يحدث لأي منظر مسبباً عدم الإرتياح النفسي عند نظر العين البشرية عليه، ويعتبر إختفاء الصورة الجمالية لكل ما يحيط بنا من طرقات، ومبانٍ، وأرصفة، أو داخل البيئة الداخلية سواء في المنزل أو أي مكتب يعد أحد أنواع إنعدام التذوق الفني، ومن أمثلته:
عدم انسجام المباني الأثرية مع المباني الحديثة، ووجود الأبنية المهدمة وسط المباني الشاهقة، ويمكن أن نصنفها بفوضى عمرانية وابتداعات معمارية: وهو العبث واللهو الذي أصاب عمارتنا وأثر على تراثنا حتى فقدت مدننا طابعها ومكانتها كرائدة المعمار ومنبر الفن والقيم والتراث وهى لا تمت للتراث بصلة وليس ذات قيم أو تجانس حضاري.
كذلك التخطيط العمراني السيء لبعض المباني من حيث طريقة بنائها أو الفراغات، واختلاف ألوان ودهانات واجهات الأبنية، واستخدام الألمنيوم والزجاج الذي يسبب زيادة الإحساس بالحرارة، والبعض يضيف عناصر ارتجالية على الواجهات كالتعليـة أو إقفال الشرفات أو إضافة مساحات من الإعلانات على الأسطح المصمتة ذات ألوان متنافرة وذوق منعدم أو دهان أجزاء من الواجهات دون غيرها مما يسبب النفور من رؤيتها وكأنها نقاط أو بقع أو تلوث نقطي، وكذلك الأعمدة الخاصة بإنارة الشوراع والتي تكون ذات ارتفاع كبير لا يتناسب مع الشارع،
وأشكال صناديق القمامة غير المناسبة فهناك الصناديق البلاستيك ذات لون وأخرى بلون آخر أو صناديق معادن أو براميل قديمة متآكلة من الصدأ التي عليها، وأماكن وجودها التي تسبب تشوه المنظر العام، وبروز أجهزة التكييف في الواجهات، وانتشار المقابر في المناطق السكنية، ولوحات الإعلانات واللافتات المعلقة في الشوارع بألوان غير متناسقة ومتضاربة، والأرصفة المهدمة والرمال ونفايات الحفر والمخلفات وأعمال الأشغال العامة المستمرة بصفة شبه دائمة، وتعديات بعض أصحاب المحال التجارية أو المساكن على الأرصفة حتى فقدت المدن أرصفتها نظراً للتعديات وأصبح المشاة بدون أرصفة وبعضها أُستغل في صورة أماكن انتظار ، والأكشاك وأماكن البيع العشوائية المنتشرة في جميع الأحياء على الأرصفة أو وسط جزيرة الشارع أو أسفل الكباري دون مراعاة للذوق العام أو التناسق والألوان أو الجمال أو المصلحة والصحة، ناهيك عن أزمات المرور التي تسببها السيارات والمشاة.
اما التلوث البصري داخل المنزل أو البيئة الداخلية فهي مثل عدم ترتيب المنزل مثل غرف النوم أو أي غرفة غير مرتبة تعطي نوع من الحالة النفسية المضطربة، كذلك المكتب غير المرتب الذي يعطي شعوراً بعدم الرضا كحالة نفسية أو داخل السيارة أو خارجها إذا كانت غير نظيفه كل هذه تدخل تحت التلوث البصري. كذلك السيارات المحطمة، أو تلك المحملة ببضائع غير متناسق مظهرها.
وهناك الكثير مثل النفايات الطافية على المياة سواء بحيرة أو مستنقع مياة وغيره فأي تشوه بصري هو التلوث الذي نحن في صدده.
ماذا يسبب هذا التلوث للإنسان؟
فما ذكر سابقاً ليس مظهراً إنما هـو أحـد أبعاد التلوث البصري الخطير حيث أنه يتعايش معنا حتى يعتاده الإنسان حتى يصبح جزءً من واقعه لا يراه شاذاً إنما يألفه، بل ويساهم أيضاً بزيادته بالسلوكيات الخاطئة، وسيطرته على ذاته بل يفرض عليه نوعاً من الذوق والاختيار غير المتلائم وطبيعته ويعطيه الإحساس بالاغتراب في بيئته وعدم التعود على ما يفرضه عليه الذوق أو النظام الصحيح، كما يهدد أمنه وسلامته سواء الصحية أو النفسية واستقراره وأمانه لإفتقار البيئة العمرانية للقيم الجمالية والهدوء وللتجانس وإفتقاره للعوامل التي تبعث على الهدوء والراحة.
كلمة اخيرة.. على أمانات المدن والبلديات تشديد الرقابة على المقاولين والملاك بضرورة الالتزام بتنفيذ ماتم اعتماده من مخططات وواجهات وألوان وكذلك التنسيق مع وزارة النقل وشركات الخاصة بالنفايات وغيرها في كل ما يخصه فهل نحن منتهون!