الصقيري يكتب : مساء طنطورة

قراءة  : ماجد الصقيري

 

كم تمنينا حقا لو تطول ساعات المساء في هذا المكان الذي استحوذ – بلا مبالغة منا – على ثلاثة أرباع كعكة الجمال .. مساء تزيّنت فيها طنطورة بأجمل رداء ودعت زوارها لساعات مع الأنس والطرب والغناء وسط أجواء بلا نسخة مثيلة.

في طنطورة تشعر وكأنك الضيف الوحيد المٌحتفى به رغم زحام الوفود . كل شىء يمُدّ لك يدّ الترحاب . أجواء إبداعية تشارك في صناعتها الصخر والأرض والجبل وحركتها الرقصات و أصوات الطرب ليس هذا فقط بل ساهم في نسج إبداعها الانسان المضياف حتى يُخيل اليك بحق وكأنك ابن المكان.

فروق كبيرة بين طنطورة صباحا وفي المساء لايدركها حقا إلا عشاق الفن والإبداع – رسامين كانوا أو كتابا أو شعراء – ممن يقرأون الأماكن –  ليلا – بعين الشاعرية  ويتابعونها وكأنها رُسمت بريشة فنان.

هذه هى الحقيقة فلقد تحوّلت طنطورة –  من أجل زوارها – إلى أرض بعنوان حضن تستجمع الكل تحت سقف جمالها وعلى بساطها الربيعي الساحر .

ومع المكان وإبداعه والأجواء صانعة الجمال تبدو الجلسات على بساط طنطورة حكاية تحتاج قراءة خاصة حيث ترى الكل – أفرادا وعائلات – يتقاسمون الفرحة والذكريات وكأن طنطورة صنعت من أجلهم عيدا مختلفا عن كل الأعياد .

الكاميرا هى اللسان الوحيد الذي يمكنه الحديث عن مساء طنطورة لأنها تنقل الصورة أروع مما يحكيها القلم . صور تظل محفوظه فى إرشيف العقل يستعيدها الأنسان كلما أراد أن يتذكر ملامح المساء العربي الأصيل الذي تعجز عن استنساخه كل المدن .

مساء  طنطورة مختلف .. نعم مختلف في أجوائه وأٌنسه وسعادة زواره .. مختلف في لمّة الصحبة والأحبة . مختلف في اطلالة القمر على زوار المكان ..مساء مختلف حتى في طعم العشاء ومذاق القهوة .

اليوم أدركت لماذا أعاد المسئولون فرحة طنطورة مرتين في العام ؟ لم يعيدوها ابتهاجا بالمهرجان  ولا سعادة بحفلات الطرب والغناء فقط بل أعادوها لأنهم قرأوا فرحة الزوار  وأدركوا لما لطنطورة من قدرة على صناعة رابط بين القلب والصخر  وبين النفس والجبل والانسان والمساء .

هذا هو مساء طنطورة قرأته أنا بعين الحقيقة فأقرأوه معي بالكلمة والصورة .

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟