نقطة (الوقت)

 بقلم :  عبد الحق بشير العقبي

 

الوقت من عجائب صنع الله عز وجل . فجعله مسيطراً على العالمين دنياً ودين. قريبه بعيد وبعيده قريب فالشمس البعيدة مقياسه اليومي القريب. والقمر القريب مقياس للشهر البعيد. وللوقت دورتان مناخيتان متعاكستان.

الدورة الأولى تتوالى فصولها الأربعة حول الأشهر الشمسية فهما ملتصقان ثابتان لا يختلفان أبداً فللربيع الحمل والثور والجوزاء ويليه الصيف وله السرطان والأسد والسنبلة ثم الخريف وله الميزان والعقرب والقوس وينتهي بالشتاء وله الجدي والدلو والحوت وهكذا يدور العام بين الفصول والأشهر.

أما الدورة الثانية فعلى النقيض تماماً إذ تدور أشهره متنقلة بين الفصول وترتيب فصوله عكس ترتيب الفصول الشمسية حيث الربيع يليه الشتاء ثم الخريف وينتهي بالصيف وهكذا تدور الأشهر القمرية في كل فصل ثماني سنوات وتمضي في أحد الفصول تسع سنوات فيكون المجموع 33 ثلاث وثلاثون سنة تدور فيها الأشهر القمرية لتبدأ من حيث انتهت. والحياة مقياسها الوقت فهو العمر والأجل ويوصف الوقت بأجزائه مثل الدقيقة والساعة واليوم والشهر والعام قال تعالى: (والعصر إن الإنسان لفي خسر) (1) العصر. وقال تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض..) (36) التوبة. وقال تعالى: (ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً) (25) الكهف. والوقت في الزراعة أساس به تقاس مواعيد الحرث والزرع والحصاد وهو ركن التجارة الذي تدور حوله قيمة الأشياء وهو شرط من شروط الصناعة فلكل منتج عمر افتراضي تنتهي عنده الصلاحية.

والعبادات مرتبطة بالوقت قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتا) ( 103) النساء. والحَول للزكاة، وصوم رمضان محصور بين هلالين، والحج أشهر معلومات،  والدائرة أصدق مثال للوقت فكلاهما يبدأ من حيث ينتهي وينتهي من حيث بدأ. ومقياس الوقت عند الله عظيم  قال تعالى: (وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون) (47) الحج. هذا اليوم الذي لم يتمكن سيدنا نوح عليه السلام من الصبر على تمامه في دعوة قومه. الوقت مهلة إذا انقضت لا تعود فهو قصير عند المجتهد طويل عند المقتصد. ومع انضباط ودقة مقياس الوقت إلا أن الإنسان عاجز عن ضبط قياسه فجعله أربع وعشرون ساعة نصفها ليل والنصف الآخر نهار مع أن الليل والنهار يطغى أحدهما على الآخر تبعاً للمكان والزمان. والشهر على العموم 30 ثلاثون يوماً ولكن هناك شهور أيامها (28 و29 و30 و31) والسنة مصنفة إلى بسيطة وكبيسة تماماً كما عجز الإنسان عن قياس الدائرة فابتدع النسبة التقريبية (ط) إن الوقت الذي يسيطر على الناس أشبه بالسراب يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً وحسبك من ذلك أن تنظر إلى ما مضى من حياتك هل تجده شيئاً ؟!.

 

 

 

 

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟