د النزهة .. صورتان في حياة صاحب المعالي
لم تكن رحلته العلمية الناجحة وحدها سفيره إلى قلوب المجتمع المديني بل نراه من القلائل الذين لهم في كل مجلس رسول يحكي مشواره المتألق على بساط العلم والأخلاق. وعلى الرغم من المناصب والقلادات والأوسمة التي حازها د منصور النزهة – عربيا وعالميا – إلا أنه يبدو الأكثر تواضعا في عيون من تعاملوا معه بل الأكثر قربا والتصاقا بمجتمع المدينة المنورة – أحب الأماكن إلى قلبه – وفقا لوصفه.
وبعيدا عن هيبة المحراب الأكاديمي واللجان والمجالس العلمية التي أبلى فيها د النزهة البلاء الحسن وأثرى محافلها بإنجازات تحفظها الكتب والموسوعات تبقى في حياة د النزهة سرّ غريب يتمثل في ارتباطه بالمدينة المنورة التي تعيش فيه وتسكن قلبه قبل أن يكون واحدا من أهلها. فبين د النزهة والمدينة المنورة علاقة خاصة ليس لأنها مسقط الرأس والميلاد فقط بل لأنها صانعة ذكريات المجد العلمي والشاهد الأول على بداياته الناجحة.
علاقة شديدة الخصوصية تتجلى وتظهر بوضوح وقتما يغيب عنها د النزهة في رحلة أو يحرمه منها منصب أو يحكم عليه قانون العلم بالسفر بعيدا عنها. علاقة لا تربطه بالشوارع والحارات فقط بل بالإنسان المديني الذي مسّته كثير من سماحة وروحانية المكان.
فرق كبير بين د منصور النزهة الجالس على بساط المجالس المدينية وديوانيات الرفقة والصُحبة وبين د النزهة الطبيب المٌعتلي مقعد المدير في أكبر جامعات المملكة.
صورتان لرجل واحد ولكن لكل واحدة بريقها الخاص ..صورة يحكيها القريبون من عالمه تحمل دلالات القرب مع الكل والحبّ للجميع .. لافرق بين من يجاوره وجيها كان أو رجلا بسيطا وصورة أخرى عنوانها ” صاحب المعالي ” تحكيها جامعة طيبة الذي أدارها بعصا المايسترو حتى عاشت معه أزهى وأنجح مراحلها .. صورة يتكلم عنها تلاميذه ممن تعلّموا على يديه الدرس وعلوم الإدارة وباتوا يعملون اليوم وفق خارطة رسمها هو بمهنية واقتدار.
د منصور النزهة الذي جاب العالم من باكستان طالبا إلى بريطانيا مبتعثا إلى إيرلندا وأمريكا وغيرها من البلدان أثرى بخبراته محافل العلم والإدارة بجامعتي الملك سعود وجامعة طيبة وقدّم للمكتبات بحوثا علمية بعنوان هدايا أثرت العقول وباتت مرجعا أصيلا لطلاب الدراسات والباحثين
“صاحب المعالي ” وصف ذو ظلال ناجحة أجمع عليه الكل – أساتذة وأطباء وتلاميذ – و” المتواضع ” هو النغم في حياة د النزهة الذي استحسنه أبناء المدينة المنورة البعيدين عن حراك الجامعة وعالمها .
صورتان لرجل واحد .. ولكن يبقى لكل واحدة بريق خاص .
رئيس التحرير