نقطة (الشجرة)
بقلم: م.عبدالحق بشير العقبي
إنها تلك الشجرة في الجنة التي سكنها آدم وحواء شجرة واحدة ممنوعةً وكل شيء آخر سواها مباح مسموح يأكلان من الجنة رغداً، قال تعالى: (وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منهما رغداً حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) (35) البقرة.
كل شيء متاح لأبينا آدم وأمنا حواء إلا (شجرة) واحدة فقط ممنوع الاقتراب منها مجرد الاقتراب وليس الأكل وهذا هو منتهى التحذير من الوقوع في الإثم قال تعالى: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) (151) الأنعام. فما هي هذه الشجرة وما هي صفاتها وسبب التحذير منها، جاء في سفر التكوين الإصحاح الثاني الآية (16): (وأوصى الرب الإله آدم قائلاً من جميع شجر الجنة تأكلا أكلاً وأما شجرة معرفة الخير والشر فلا تأكلا منها) ولم يثبت عند العلماء ما يدل على صفاتها لأنها لم تذكر في القرآن ولا السنة ولكن ذلك لم يمنع بعض التابعين من تحديدها فبعضهم قال: (هي شجرة التين وبعضهم يقول العنب أو الحنطة). المهم أنها شجرة فتن بها آدم وزوجه فلم يفلتا منها فأكلا منها ! فاختلف حالهما وبدت لهما سوآتهما، يقول الشيخ متولي الشعراوي رحمه الله: (قبل الأكل من هذه الشجرة لم يعرفا عورتيهما، ولم يعرفا عملية الإخراج لأن الغذاء كان طاهيه ربه، فيعطي القدرة والحياة دون أن يخلف في الجسم أي فضلات، لكن لما خالفوا وأكلوا من الشجرة بدأ الطعام يختمر وتحدث له عملية الهضم التي تعرفها. فكانت المرة الأولى التي يلاحظ فيها آدم وزوجه مسألة الفضلات ويلتفتا إلى عورتيهما. وهنا مسألة رمزية ينبغي الإلتفات إليها، فحين ترى عورة من المجتمع فاعلم أن منهجا من مناهج الله قد عطل).
وفي التوراة أن حية أغرت حواء فقالت لها: (الله عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين الخير والشر.. إلى أن أخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضاً معها فانفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانان. فخاطا أوراق تين وصنعا لأنفسهما مأزر) التكوين. ليس المهم أن نعرف تفاصيل الشجرة بقدر ما تستوقفنا الحكمة العظيمة التي تبين لنا أن شجرة واحدة غيرت مسار الحياة البشرية من منتهى الحياة المثالية الربانية التي فيها كل نعيم مباح إلا شجرة واحدة فقط اختار أبوانا أن يجرباها فانكشفت لنا العورة فهبطنا إلى حيث ينبغي لنا أن نهبط، بالنسبة لي أرى في قصة الشجرة حكمة جوهرية تجعلني أدرك وأفهم سنن الحياة التي نعيشها كونها بعيدة كل البعد عن العدالة والحقائق المطلقة حياة استعبد الإنسان فيها الإنسان واكتست الأجساد بأبها الحلل وأجمل الثياب لتغطي عوراتٍ لولا تلك الشجرة ما كان لها أن تظهر عيوبها لتستوجب الستر.