(بَـرَكَـاتك يا شُــوْرَى)! 

بقلم :  عـبـد الله الـجـمــيـلـي

 

ذاتَ يوم عِـشْـتُ تجربة فريدة؛ فقد دَخلتُ (مجلس الشورى) في زيارة عابرة، وسَــكَـنـتُ فيه لعِـدة سَــاعَــات، ورأيتُ حياة الـدّلع هناك؛ ومعكم استعيد من تلك التجربة بعض المشاهدات: فــ (المجلس) يقع في ناحية راقية غَـرب الرياض؛ تحيط به الأشجار والورود، والهواء النقي يسبح في الفضاء، ليؤكد أن “أعضاء الشورى” يجب أن يكون مِـزاجهم عَـال العَــال، (ومِــيْــة فُــلّ وعَـشَـرة كما يقول أهل مِـصــر)؛ أما الطرق فَـملساء ناعمة، لا تَـصدّعات ولا مَـطَـبّــات، فيما السيارات الفارهِـة متناثِرة هنا وهناك دون أن تشـعُر بالزّحَـام، أما نظام (سَـاهِـر) فلا وجود له في ذلك الـمكان؛ فهو دائماً نائم!

* الـمَـقَـرّ مكون من دور أرضي وطابقين، فاخِـرَة الهندسة والتشطيب، ولكل عضو مكتب فسيح، وسِكَرتَارية خاصة، وهنا يبدو أن مُـصَـمِّــمَـــهُ، أفاد من سَـلبيات (العديد من المدارس الحكومية) التي تَـسجنُ أكثر من أربعين طالباً في عُـلْـبَـة سِـرْدِيْـن تسمى (فَـصْـلاً أو قاعة) !

* في ذلك الـمكان تُـقَــدم للأعضاء سُـبل الراحة بشتى صورهـا؛ فمثلاً هناك وحدة طبية متكاملة تسهر على صحتهم؛ فهم يقومون بمهام كبيرة، وليس عندهم أوقَـات للوقوف في قوائم الانتظار الطويلة في المشافي والمراكز الطبية الحكومية مثل المساكين؛ وأيضاً لمزيد من الراحة لأولئك الأعزاء هناك في الدور الأرضي مكتبان لحجوزات الطيران وإجراءاتها، بجوارهما جهاز خاص لإصدار بطاقات صعود الطائرة (يعني العضو من المجلس إلى المكتب التنفيذي مباشرة)، وادّلّــع يا كَـايـدهُــم!

* عِـيْـشَــة الرفاهية والـدّلَــع التي يعيشها “أعضاء المجلس”، وتلك المخصصات المالية الضخمة التي يقبضونها (مكافأة شهرية أو تحسين أوضاع، زادهم الله من فَـضْـلِـه) لاشك تؤثر على (بعضهم)، فتنسيهم احتياجات الوطن وقضاياه الملحة، وتجعلهم في سُـبَــات وأحلام ورديّــة!!

* فــ (منهم) الذين يعتقدون بأنّ جميع المواطنين مثلهم (حياتهم دَلَـع في دَلَــع)؛ فلا فقر ولا بطالة، والمتقاعدون كلهم مُـرَفّـهُـون؛ يعيشون في نَـعِـيْـمِ النّـعَـيْــم؛ أما مَــن يتحدث عن حاجتهم لزيادة معاشاتهم التقاعدية في ظِـلِّ الغلاء؛ فما هو إلا واهِــمٌ يطلب لهم ما لايستحقون!

* باختصار أيها السعوديون كفاية لَــوم لــ (بعض أعضاء مجلس شُــوْرَانا) على تصريحاتهم المستفزة أحياناً؛ فهم في عَــالَــم آخَــر بعيداً عنكم يُـحَـلِّـقُــون؛ ولذا ما نرجوه من (أعضاء مجلس الشورى الذين نقدرهم ونحترمهم جميعاً) أن يكونوا أكثر اجتهاداً، وأن يقوموا وعبر لجانهم المتخصصة بجولات ميدانية للمناطق والقرى ليتلمسوا حال مواطنيها وحاجياتهم؛ فليس مَــن رأى كمَــن سَــمِــع أو قرأ تقارير قد تكون غير دقيقة؛ فصدقوني ستخرجون بعد الزيارت بتوصيات صادقة وشفافة تُـساهم في تعزيز جهود وعطاءات حكومتنا الرشيدة في البحث عن خدمة المواطن ورفاهيته!

* أخيراً نسيتُ أن أخبركم بأنه بعد خروجي من حَــيّ مجلس الشورى، كافأني (ساهر) بمخالفة، (وأنا الـمَــدِيْــنِـــي) الجاهِــل في طرق الرياض وسُــرْعَـاتها، ولأني كنتُ في سيارتي المستأجرة بطيئاً أستمعُ عبر الهاتف لصوت أحد المتقاعدين الذي ينتظر توصية من المجلس تنادي بزيادة تقاعده فقد غادرتْ الطائرةُ، وتركتني لأعود بالنّـقل الجماعي (بَـرَكَـاتك يا شُــوْرَى)!

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟