«قولوا للباشا مهو بسيّد الجميع»

تيزار

بنى الأتراك الأسوار حول المدينة المنورة، وشيّدوا القلاع والحصون ليختبئوا داخلها وخلفها، خاضوا نزال المعارك ضد القبائل المحاربين، وفروا هاربين من مسارحها تلاحقهم خيبات الخزي والعار.

ومع تفاصيل المعارك -على اختلاف أسمائها- بالمدينة المنورة، والتي وثقها التاريخ بقلم منصف، تبقى هناك وثائق أشد وأقوى.. وثائق قالها محاربون تارة، ومتابعون تارة أخرى، تنقلنا –رغم مرور السنوات- إلى مسرح الأحداث، وكأنهم له شهود.

سخرية واجه بها رجال قبائل المدينة قلاع الأتراك التي بنوها -خوفا ورعبا، والمدافع التي وضعوها في فتحاتها ظنا منهم أنها ستُرجف قلوب الفرسان، وتردّهم إلى خنادق الخوف والاختباء، فإذا بها تزيد المحارب السعودي قوة وإصرارا على القتال حتى النصر.

كلمات منظومة قالها الشيخ حذيفة بن جزاء الأحمدي الحربي، ليُعزز بصوته وشعره كل معاني البطولة والفروسية والإيمان بالله.. كلمات تسخر من الباشا التركي وجنوده وقلاعه، وتثمن صنيع القبائل التي حاربت بشرف، وحازت النصر بهامة عالية ورأس مرفوع:
قولوا للباشا مهو بسيد الجميع … لا همني جمعه ولا جمعٍ وراه
إن كان يبنون القلع حتى نطيع … حنا براس الضلع بانيه الالٰه

رسالة ليست من الشيخ حذيفة الحربي وحده، بل من كل بطل سعودي لم يكترث بالأعداد الجرارة التي جاء بها التركي مُحاربا، ولم يبالِ بالقلاع والحصون والمتاريس والمدافع المطلة بفوهاتها من الفتحات الضيّقة وغير المرئية.

لم يهتم بلقب الباشا والسيّد.. تلك الألقاب التي حاول الأتراك إقحامها قسرا، فلفظها السعوديون، ولم يعترفوا بها ولا بقيمة حاملها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟