
التطوع يزيد العمر
مما لا شك فيه أن الشعب السعودي من الشعوب التي تحب العطاءً وذلك ظاهرٌ جلي لا يُحجب بغربال.
عشت ولازلت أعيش هذه الثقافة بشكلها التطوعي رغم أن التطوع وليداً بأنظمته الحالية المتجددة وتطبيقاته في المملكة.
والتطوع شكل من أشكال العطاء بل أجزم يقينا أنه تفرد وأصبح ثقافةً تُرسمُ بأيادي محبيه.
من جميل معايشتي للتطوع أنني رأيته يصبح نمطاً حياتيا لمن عاش تفاصيله وانغمس بملذاته، وكنا كلما خرجنا من عمل تطوعي نقول لبعضنا البعض هل من مزيد؟، وليس لشيء إلا أن التطوع به أسرار خفية تلامس أعماق السعادة كصفاء القلوب وتفريغ الضغوط والبعد عن لغة البذل بمقابل، وبناء العلاقات الإنسانية الحقة.
مع مرور الوقت أصبح التطوع لغة عالمية للعطاء وبات من السهل التواصل مع ممارسو التطوع في كل أصقاع المعمورة لتحكي تجاربك الخاصة وجميل عطاء شعبك عن بقية الشعوب وتفاخرُ بذلك وحُق لنا، ومع انطلاق رؤيتنا المجيدة 2030 وضعت حكومتنا أيدها الله وصول عدد المتطوعين بحلول 2030 إلى مليون متطوع بعد أن كان الرقم لا يتجاوز ثلاثون ألف متطوع في عام 2015! كأحد مستهدفاتها، وما ذلك الاهتمام الرسمي بالتطوع إلا لتبعاته الايجابية على المجتمع لتعزيز جودة الحياة وخلق مجتمع حيوي سواء في الجانب الاجتماعي أو الاقتصادي أو الصحي وأذكر هنا معلومة لازلت أكررها مراراً عندما أتحدث عن فوائد التطوع، وذلك أن مجلة «American health» في عام 1988م أجرت دراسة بولاية «Michigan» أظهرت أن العمل التطوعي المنتظم يزيد من متوسط العمر المتوقع للفرد، وأضافت الدراسة أن الذين لم يقوموا بعمل تطوعي كانوا عرضه للوفاة بمقدار مرتين ونصف أكثر من هؤلاء الذين قاموا بعمل تطوعي مرة أسبوعيا على الأقل.
كما أن التطوع عالم جميل مليء بالأحداث الجميلة إلا انه لا يخلو من شوائب تشوبه بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالأُخرى كإستغلال المتطوعين ونشر المفاهيم والممارسات الخاطئة عن التطوع وما ذلك إلا لجهل هؤلاء وعدم إدراكهم لقيم التطوع ومبادئه وتطبيق مواثيقه ونتاج لذلك ينفر كثير ممن يرغبون بالتطوع في بداياتهم ويتكون لديهم صورة ذهنية سيئة عن حقيقة التطوع وتكون ملازمة لهم مدى الحياة.
أخيراً.. أُؤمن يقينا أن لكل إنسان متطوع بداخله يكبر ويصغر بحسب عطاءه، فلا يتردد المرء في إطلاقه حتى يرى أثر ذلك في حياته وبعد مماته!