النداء الأخير على متن “السعودية”

لماذا اخترتها مرة أخرى؟.. لماذا عُدت إليها من جديد؟، وما هي العلاقة التي ربطتني بها، بعد قراري الأخير بالابتعاد عنها وعن مقاعدها المسافرة؟.
في اعتقادي، أن كلمة القلب سبقت كلمة العقل في رحلتي الأخيرة على متن السعوديّة، أو العملاق الطائر -كما عرفناه سابقا.
قبل أيام، توجهت إلى القصيم لحضور مُلتقى صناع العقار، واخترت “السعودية” دون غيرها؛ متفائلا بتاريخها، ومُتوسّما صلاح حالها.
كنت أتمنى أن تكون الخطوط السعودية قد استعادت عافيتها وذكريات العملاق المحفوظة عنها، وعالجت سوءاتها التي لم يغفل عن رؤيتها مسافر.. ولكن!!
قبيل اقلاع الطائرة بدقائق، ظهرت علامات المرض، فالنداء إلى الطائرة يُذكرك بمواقف مركبات الكدادة، والذهاب إلى البوابة ينقلك إلى متاهة لا تعرف من أين تبدأ، ومتى تنتهي؟.. حتى يمنحك الحظ فرصة الوصول إلى باب الطائرة.
موظفو البوابات يتبادلون رؤية “البوردنج”.. واحدا بعد الآخر، وكأن البوردنج تحوّل إلى مجلة ورقية مثيرة للمتعة والإعجاب.
القصة لن تنتهي بالوصول إلى مقعد الطائرة، بل أحسبها تبدأ عند هذه اللحظة، فأنت على المقعد تتحسب لأي مفاجأة، فإن كانت الرحلة قصيرة يكرمونك بـ”ماء وعصير”، وإن كانت متوسطة “لك قهوة وشاي” فقط.
وصلنا مطار القصيم، وكان المشهد الصعب، فالنزول يسير وفقا لقاعدة “من سبق لبق”.
اللافت والمثير تمثل في فيلم “أبو إصبع”، فعلى البوابة موظف يستخدم إصبعه للإشارة نحو البوابة، ولكن إشارات إصبعه كانت محيّرة حقا، فالبوابة ثابتة مكانها، فيما إصبع الموظف تأخذك إلى أربعة اتجاهات.
أبو إصبع حيّرنا، وأضحكنا، وأحزننا في نفس الوقت، وجعلنا نسأل: لماذا لا تقرأ “السعودية” التفاصيل الدقيقة التي يقرأها المسافرون؟.. لماذا لا تعالج الأمور البسيطة التي تستوقفنا وتحملنا إلى سقف الدهشة والاستغراب؟.. متى تعود السعودية إلى أيام العملاق الذي كان يسابق الكل في ريادته؟..
هل المشكلة في الناقل، أم مواعيده، أم آلية العمل، أم نقص الكوادر المؤهلة التي تملك القدرة على التغيير والتطوير بـ”ضغطة زر”؟.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟