الأهلي يمهد الطريق للقمة

 

د. فهد الجهني

نجح نجوم الراقي في اختبار التفوق الجدارة ومواصلة الأداء الفني العالي لمحترفيهم، وأمتعوا جماهيرهم الوفية التواقة لفنهم الكروي، بعد أن توجوا هذا التألق بالنتيجة بفوز مستحَق على نادي جدة بهدف دون مقابل، وأعلنوا عودتهم القوية، مؤكدين لمحبيهم أن عودتهم إلى دوري المحترفين مسألة وقت لا أكثر، حيث المكان الطبيعي لهذا الكيان وتاريخه الحافل بالبطولات والإنجازات.
لن نتحدث فنيا هنا، ولكن نود أن نستشهد بهذه المباراة؛ كقيمة تسويقية وكيفية نجاح تسويق هذا المنتج الرياضي، إذ يعد التسويق الرياضي في وقتنا الحاضر من أهم الركائز في منظومة العمل الإداري في المجال الرياضي، كما أن أنشطة التسويق الرياضي هي التي تحرك مسيرة المنظومة الرياضية اقتصاديا، وذلك بسبب ما تشهده صناعة الرياضة من تقدم وتطور مستمر، وهذا النمو والتطور يعني أن هناك زيادة في المسابقات الرياضية والمنتجات المستخدمة في المجال الرياضي، وبالتالي منافسة كبيرة في عالم التجارة والصناعة الرياضية.
ويؤكد ذلك الحضور الجماهيري الأهلاوي الكبير للمباراة، وحرصهم على متابعة فريقهم من الملعب، وبما أن احتياجات المشاهدين والمستهلكين أصبحت تتطور يوما بعد يوم، جاء فوز الأهلي في الوقت المناسب، وقدم المنتج النهائي لجماهيره في أبهى صورة وأروع أداء.
وبما أن التسويق بصفة عامة وظيفة معقدة، فإن التسويق الرياضي أكثر تعقيدا؛ لأن المنتج الرياضي شيء قائم بذاته، ومن الصعب على التسويق الرياضي أن يتنبأ بانطباعات الناس عن المباريات أو نتائجها، إضافة إلى ارتباط الجماهير عاطفيا بالفرق التي تشجعها، وتأثير الفوز والهزيمة وغيرها من العوامل التي تمكن من اتخاذ أي قرارات خاصة بالتسويق الرياضي والترويج للخدمات أو بيع السلع والمنتجات الرياضية.
وفي التسويق الرياضي، لا يتم الاهتمام بالمنتج الرئيس نفسه، ولكن بالاستمرار في تقديم الخدمة، بمعنى فُزْ أكثر تكسب أكثر، إضافة إلى أن رضا المستهلك عن الخدمة يرتبط بالمناخ أو الإطار الاجتماعي المصاحب لها، فضلا عن أن الخدمة الرياضية تشترى بواسطة المستهلك النهائي.
ويتم تعريف الخدمة في المجال الرياضي بأنها منتجات غير ملموسة ولا يمكن تخزينها، وتستهلك وقت إنتاجها، وتستلزم قرب المستهلك من المنتج مع صعوبة الرقابة أو التحكم بجودتها.
كما أن الكثير من المنتجات الرياضية هي -في الحقيقة- عبارة عن مجموعة من الخدمات، والتي تؤثر -وبشكل فعال- في الإجراءات والعمليات التسويقية، ليس فقط في المنتج الرياضي، بل تمتد لتشمل مجال الخدمات الأخرى المرتبطة بالمنتج.
فالخدمة قد تكون في أحيان كثيرة شخصية، أي من فرد إلى فرد مثل خدمات المدربين واللاعبين أو خدمات تنظيم المسابقات للمشاهدين، وقد تكون الخدمة انتقال ملكية منتج مقابل سداد القيمة مثل شراء الملابس أو تجهيزات وأدوات رياضية من أجهزة وكرات وخلافه.. وغير ذلك.
فيما تكمن وظيفة إدارة التسويق الرياضي في جذب وبناء علاقات مع العملاء (الجماهير) عن طريق إيجاد قيمة للعميل وإرضائه وتحقيق رغباته، ولكن نجاح أي إدارة تسويق يعتمد على الآخرين في البيئة الداخلية للنادي (إدارة النادي)، ووسطاء التسويق، والعملاء والمنافسين والجمهور، ولعلنا نتوقف هنا لنشير إلى أن فشل وتخبط الأداء الإداري -خصوصا الموسم الماضي- في الأهلي كان السبب الرئيس في انتكاسة الفريق والهبوط وما صاحبه من خيبة أمل وصدمه لعشاق الراقي وللوسط الرياضي ككل بصفة عامة، وفي الوقت الذي تأثر فيه دوري المحترفين بغياب فريق كبير كالأهلي، عادت الروح لدوري يلو المنسي بوجود الراقي، وأصبحت الفرق تنتظر مواجهته لتحقق العديد من المكتسبات، وتلعب أمامه وكأنها تخوض «نهائي»، ومع ذلك يبقى الأهلي قويا أمام كل تلك التحديات.
ونجح الأهلي في تسويق الخدمة الرئيسة من خلال المباراة بالفوز، وقدم معها الخدمات المضافة، وهي مجموعة الخدمات التي تتوافر أثناء وبعد إقامة المباراة، وظهر المنتج الجوهري من خلال فرحة جماهير الأهلي بالفوز، وتمكن الجهاز الفني من قراءة الخصم وكيفية سيطرة لاعبي الفريق على مجريات المباراة وتفوق بالأداء والنتيجة.
واستكمالا لما سبق، يمكن تقسيم المنتج الرياضي إلى المنتج الأساسي ويتمثل في المباراة، والمنتج الإضافي الذي يشمل إقبال الجماهير على شراء التذاكر والأدوات والملابس والأعلام والخدمات الرياضية التي تقدم أو تباع للعميل الرياضي قبل وأثناء وبعد المنتج الرياضي.
ختاما.. التسويق الرياضي في الأندية يرتبط بشكل مباشر بتحقيق الفوز وحصد البطولات؛ باختصار فُزْ أكثر تسوق أكثر.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟