مافيا وراء السوق السوداء بتمور المدينة  

المزرعة نقطة الانطلاق .وغياب الرقيب مهّد لهم الطريق  

تركي الحربي – حديث المدينة

وقتما بدأت جولتي يسوق التمور المركزي كنت أنشد الوقوف على حراك البيع والشراء لأجمل بضاعة تتفرد بها المدينة المنورة عن كافة المناطق -بلا استثناء -وأعاين الأنواع ذات الأسماء المتباينة والمذاق المختلف والتي يعشقها الزوار ويأتيها السياح من كل البلدان ولكن كانت ” الصدمة ” وأنا أرى سوق سوداء بكل ما تحمله هذه المفردة من ظلال قاتمة. سوق صنعتها الوافدة التي لم تأخذ مكانها من أجل ” كسب لقمة العيش” فقط بل لتغيّر خارطة المكان وتبدّل هويّته وتتلاعب بأسعاره وتجعل لكل نوع من التمر سعرين لا سعر واحد.

كنت أسأل نفسي كيف تمكنت الوافدة وتحديدا “الباكستانيون” من صناعة السوق البديل وماهي أدوات الاستحواذ التي يمتلكونها والتي مكنتهم من التلاعب بأسعار التمور يرفعونها متى أرادوا وينزلون بها متى شاءوا؟ ولماذا غابت عين الرقيب عن هؤلاء؟

المزرعة  أولا

المزرعة .. هى البداية حيث تبين لي أن الوافدة هم ملاك أغلب المزارع وأن أقرباء لهم يعملون في المحلات ليس هذا فقط بل علمت أن أغلب الأجانب الذين يعملون في المزارع هم في الأصل ” متخلفون ” اختاروا مزارع التمور مكانا أمينا لبعدها عن عيون عن الجهات الأمنية.

ومع مخالفة القوانين والابتعاد عن العيون تتجلى ” آفة ” أخرى أن عاملي المزارع لا صلة لهم بالتمور -زراعة وبيعا -فهم أصحاب مهن أخرى كالسمكرة والميكانيكا ولكنهم وجدوا في التمور ملعبا مفتوحا فصنعوا وظائف العمل بالمزارع تارة والتحميل تارة والبيع في المحلات أيضا.

الغش .. كان العنوان الثاني في رحلتي فمن الصعب عليك أن تحدد سعرا لما تشتري فلكل وافد قائمة سعرية خاصة اختارها لذاته. وليت الغش توقف عن السعر فغش البضاعة هو الأخطر فالتمور الصالحة والجيدة تذهب لخارج المملكة فيما لايبقى في السوق إلا الأنواع الرديئة -إن جاز وصفي.

لا أنكر أن بلدية السوق المركزى أبدعت في توفير بيئة ملائمة لحراك البيع فتنظيم البسطات الجديدة كان جيدا كما الإيجارات التي حُددت من قبل البلدية تعد ” معقولة ” إذ لا تتخطى بشهادة البائعين 600ريال في الشهر ولكن ” المحزن ” أن هذه التنظيمات والتسهيلات والترتيبات لا يستفيد منها إلا الوافد بسبب غياب السعودي كليّا عن المكان حيث لا يملك إلا الاسم واللوحة فقط -وفقا لماذكره -العم حميد اللهيبي.

مأساة السوق

اختزل اللهيبي مأساة السوق في كلمتين مؤكدا أن الوافدة أفسدت كل شيء والتمور أصبحت مغشوشة كما الصالح منها يذهب خارج المملكة. وانعطف اللهيبي انعطافه أخرى إلى الدلالين محملا إياهم ما يحدث من غش في التمور بسبب التهاون والحرص على البيع من اجل مصلحتهم أكثر من مراقبة التمور والتفريق بين الصالح والفاسد.

العم عوده الجهني أكمل مسلسل الحسرة الذي بدأه اللهيبي قائلا: غاب السعوديون كليا عن المكان ولن تجد في سوق التمور إلا لوحات بأسماء لا وجود لها في المكان.

لم يكن لي أختم جولتي إلا بالانفراد بأحد الوافدة كي اسمع منه الصوت المختلف. التقيت راحب الباكستاني وسألته   من صاحب المحل فأجابني جاوب خالي صاحب المحل وياتي في المساء فقط وأنا اعمل لديه براتب ٢٥٠٠ ريال وشاركه محمد ادريس –  الذي يعمل في أحد المحلات المملوكة لشقيقه علي ادريس – بإجابة أكثر غرابة مؤكدا انه لا يعلم من كفيله مكتفيا بالقول: جئت من باكستان من أجل مساعدة اخوتي في التجارة.

مفاجآت صادمة

مع كل المفاجآت الصادمة التي عاينتها في سوق التمور كانت حكاية السعودي محمد الرويثي مثيرة حقا حيث يعمل في مهمة توصيل التمور من محلات التمر للفنادق حيث قال: من سنوات هذا عملي أخذ من وافد وأعطي وافد واتقاضى راتبي من وافد لم اتعامل مع أي سعودي من قبل.

مشاهدات محرر حديث المدينة

  •  تنظيم البسطات الجديدة جيد والإيجارات معقولة
  • الوافدة أفسدت كل شيء والتمور أصبحت مغشوشة
  • الصالح من التمور يذهب خارج المملكة.
  • تهاون الدلالين وراء السوق السوداء
  • حرص المحرجين على البيع أهم من مراقبة التمور.
  • السعوديون غائبون عن السوق ولا وجود إلا للاسم واللوحة
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟