نقطة (سبعون)
بقلم: م.عبدالحق بشير العقبي
ما أعجب العمر يمضي لا تدري أيهما سبق بدايته أم نهايته. لست أدري لماذا اختار ميخائيل نعيمة عمر السبعين لرواية قصة حياته؟ فكانت حيرتي وأنا أكتب هذا المقال بعد مروري العابر على روايته تكمن في تجاذب الأفكار، هل أكتب عن قصة العمر كيف مضى أم أتأمل في الرقم (سبعين) ؟ !. وهل كان ميخائيل نعيمة يدري أن الرقم الذي اختاره لذكرياته لم يكن عادياً على الإطلاق؟.
إنه الرقم الذي اختاره سيدنا موسى عليه السلام لتجنب العقاب على عصيان بني إسرائيل قال تعالى: (واختار موسى قومه سبعين رجلاً لميقاتنا فلما أخذتهم الرجفة قال رب لوشئت أهلكتهم من قبل وإياي ..) (155) الأعراف. وهو الرقم الذي لم ينفع المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك قال تعالى: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) (80) التوبة. وهو قياس سلسلة عذاب الأشقياء يوم القيامة قال تعالى: (ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه) (32) الحاقة. وفي الحديث الشريف لم أجد للرقم (سبعين) إلا حديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً).
وتمام العدد في رمي الجمرات سبعين لغير المتعجل. وهناك اقتران عدد أيام السبت الأربعة من الشهر القمري بأوجه القمر إذا تأملنا في يوم السبت سابع أيام الأسبوع يقابله (الترابيع الأول) من أوجه القمر ثم السبت الرابع عشر من الشهر يقابله (البدر) ثم السبت الواحد والعشرون من الشهر يقابله (الترابيع الثاني) ثم السبت الثامن والعشرون من الشهر يقابله (المحاق) وبذلك يكون المجموع (7+14+21+28=70) سبعون. والمتأمل في ذلك يلاحظ أنها تحاكي منظومة رجم الجمرات وترتيبها من البداية إلى النهاية وكلاهما عند جمرة العقبة. وبداية الرجم دمجت مع اليوم الأول فيكون المجموع (7+21 = 28) وهذا هو مقام (المحاق) الذي جمع البداية والنهاية لأوجه القمر. ثم اليوم الثامن (21) ثم اليوم الثالث وهو الأخير نرجم الصغرى (7) والوسطى (7) ومجموعهما (14) وننتهي من حيث بدأ الرجم عند جمرة العقبة (7) فيكون المجموع (28+21+14+7 = 70) سبعون.
ونتوقف عند قوله تعالى: (ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) (189) البقرة. لنفكر لماذا ارتبطت الأهلة بالحج مع أن ربطها بالصوم الذي سبق ذكره في الآيات (177 إلى 187) من نفس السورة أولى؟ ! لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) رواه البخاري ومسلم، ولم يقل مثل ذلك في الحج.