المونديال الفاخر

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، قبل أيام، أن العالم كان على موعد مع نسخة استثنائية تفوقت على ما سبقها من نسخ، من حيث نسب المشاهدات في جميع أرجاء العالم، ومع إعلان (فيفا)، نضيف ما تم رصده واقعا عبر (تيزار) خلال تواجدنا في قلب هذا المونديال الفاخر، ليكون منطلقا لنا نحو الفخامة والمستجدات اللحظية لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 التي تحتضنها دوحة قطر، باعتبارها أول دولة في العالم العربي والشرق الأوسط تنجح بالدرجة الكاملة في استضافة هذا الحدث الكروي العالمي الكبير.

ولعلنا نبدأ من لحظة الوصول إلى الدوحة جوا أو برا أو حتى عبر المدينة العائمة، حيث يسبق إبراز الجواز ابلكيشن لبطاقة تدعى (هيا) ترتبط إلكترونيا بتذاكر المباريات، والتي تعتبر بوابة العبور والتنقلات ودخول الملاعب ومراكز المدينة ومناطق الفعاليات والعروض المصاحبة والمزايا والخصومات التي ترافق هذا المونديال، والملاحظ أن أول من يستقبل القادمين من شتى بقاع المعمورة مجموعات كبرى من الشباب والشابات من جنسيات وأديان ولغات وثقافات مختلفة، يجمعهم تي شيرت لجان الفيفا التطوعية، وبعد الترحيب بالقادمين يبادرون بتقديم شريحة بيانات مجانية تمنحك التجوال والتواصل مع عالمك المحلي والدولي خلال تواجدك في قطر، سجلوا معي بأن هذه أول قيمة مضافة نرصدها.

لن نسترسل ونطيل عليكم، وسنكتفي بمرور الكرام على فخامة البنية وجمال المكان والتنظيم المواكب للحدث وروعته التي لا تقتصر على مباراة تشاهد أو نجم متابع، بل تفاصيل لا يتسع المقال لسردها، ولا أخفيكم ركزت خلال التواجد هناك على متابعة سلوك الجماهير، ومن خلاله تصل لانطباع القبول أو العكس، وتساءلت: كيف ستتم إدارة هذه الحشود وهذا الكم الكبير من الناس من كل أنحاء العالم، بما في ذلك الدول غير المشاركة أصلا في المونديال، وفي المقابل لا تشهد سوى ابتسامة وفرح وقطع من الإبداع متناثرة في كل مكان في الدوحة، من شاطئ كاتارا إلى سوق واقف، ومن أعجوبة أسباير إلى جمال فعاليات البدع وأنشطة مشيريب.. كل ذلك وأنت محاط بدوحة آمنة وسلاسة وانسيابية في الحركة والتنقلات عبر آلاف الحافلات التي تنقل الجماهير إلى المترو الذي يكسر الزمن ومنه إلى جميع الملاعب.. كل ذلك في وقت قياسي لا توقف.. لا ضياع.. ولا تأخير، في عمل احترافي يسير بنسق دقيق جدا، وسط كم من الحلول التكنولوجية المواكبة للحدث، والتي لمسناها في الأحاديث الجانبية وخلال متابعة وتيرة الحماس والارتباط بالمكان، والتي تتصاعد بين الجميع من يوم لآخر.

وفي الوقت الذي كشف خلاله جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم أن البطولة ساعدت في زيادة الإيرادات على مدى السنوات الأربع الماضية إلى مستوى قياسي بلغ 7.5 مليار دولار، برز متطوعو البطولة في تقديم العديد من الخدمات للجماهير التي حضرت لمتابعة المونديال، وتصدرت قائمة الدول الأكثر إقبالا على شراء التذاكر قطر (الدولة المستضيفة) إلى جانب السعودية، الولايات المتحدة المكسيك، بريطانيا، الأرجنتين، فرنسا، والبرازيل.

لم أشِر في الرصد هنا إلى الحديث عن ميسي ودي ماريا ونيمار وكريستيانو وغيرهم من نجوم الساحرة، ولا عن المنتخبات، واكتفيت بالإشارة إلى جمال ما خلف الكواليس، والذي لا تصنعه سوى الرياضة وتأثيرها وأثرها على المجتمعات، ودورها في ضبط سلوك الأفراد، كونها مصدر سعادة وحياة يعيشها الجميع مع تفاصيل المنافسة، مرورا بالملاعب والمواصلات وسرعة التنقل وأماكن التنزه قبل وبعد المباريات، ومراكز التسوق والسكن الفاخر والخدمات بشكل عام، والأنشطة والفعاليات المصاحبة، والحفاوة والترحيب ومثالية التنظيم، وفلسفة تسويق المونديال والبيع القبلي واللحظي للحدث، والأمن والسلامة، وفن إدارة الحشود، والنظافة وسرعة التنقل والوصول بين الملاعب، وتنوع الثقافات، حتى المصليات بالملاعب التي اكتظت بالمصلين، واللافت أيضا الروح الرياضية العالية للجماهير العربية التي ساندت وتعاطفت مع المنتخبات التي مثلت الوطن العربي خير تمثيل، وكانت علامة فارقة في هذه النسخة من المونديال.

ختاما.. عقد الجمال يكتمل بنهاية مواجهات الأدوار الإقصائية، والجميع في انتظار وترقب لمعرفة طرفي النهائي في 18 ديسمبر، في المواجهة التي يستضيفها استاد «لوسيل».

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟