
عامان ما لافَ لي لحنٌ على وترٍ..
المتتبع لتاريخ أدب العرب، يجد في أكثر المواقف -إن لم تكن كلها- التي يمر بها أصلاً يركن إليه مستشهدًا ومستأنسًا به، سواء في أشعارهم أو أمثالهم أو قصصهم ومواقفهم.
وبعد أن أمضيت عامين وأنا أكتب في (تيزار) منذ أن كانت (حديث المدينة) مقالاتٍ متواضعة، كنت حريصًا أن تكون متنوعة بين الثقافية والأدبية وأحيانًا الاجتماعية، وحرصت ألا تكون تحت عنوان زاوية ثابت، بل أرسلتها تحت عناوين مختلفة، ظنًا مني أن في ذلك اطلاقًا وبعدًا عن القيود التي لا أحبذها.
فلزم عليّ شكر الأعزاء في (تيزار) على منحي المساحة، دون أي توجيه للكتابة وفق أجندة معينة، فقد كتبت طيلة العامين مقالاً كل أسبوع، ولا أذكر أنني تأخرت في ارسال مقالاتي إلا مرتين لظرفين لائقين.
ولا بد أن أتوجه بالتقدير والشكر لكل من قرأ لي حرفًا، اتفق أو اختلف، أعجبه ما كتبت أم لم يعجبه، فيكفي أن منحني من وقته جزءًا.
وبمناسبة (العامين)، جاء في كتاب (قصة الأدب في الحجاز) لـ[عبد الله عبد الجبار]
“… وقد برع الحجازيون في وصف السيوف والفخار بها ومرونتهم في استعمالها، …
كما برعوا في وصف القسي (جمع القوس) والدروع والرماح، وهذا المزرد بن ضرار يصف رمحه…
ومزرد نفسه هو الذي قدم لنا صورة دقيقة بارعة لقوسه، منذ أن كانت فرع ضالة في مكان بعيد تصونها الفروع والأشجار الملتفة حتى وصل إليها القواس بعد أن نحى من طريقه كل رطب ويابس وأنفل تحت الشجر حتى نالها فاقتطفها … إلى أن هيأها للرمي بعد عامين يلتمس فيهما اعوجاجها، فإذا هي صفراء يغلي ثمنها المشتري الحاذق، وإذا ما حرك الرامي وترها كان لها عويل ثكلى حزينة، ثم يصف حرصه عليها إذا سقط الندى حيث يلفها بالحبير وهو الجديد المحبر، لا بالمعاوز وهي الثياب الخلقة:
تخيرها القواس من فرع ضالة … لها شذب من دونها وحزائز
فأمسكها عامين يطلب درأها … وينظر منها ما الذي هو غامز
أقام الثقاف والطريدة متنها … كما أفرجت ضغن الشموس المهامز
إذا أنبض الرامون فيها ترنمت … ترنم ثكلى أوجعتها الجنائز
كأن عليها زعفرانا تميره … خوازن عطار يمان كوانز.”
قفلة: (عامان ما لافَ لي لحنٌ على وترٍ ولا استفاقت على نورٍ سماواتي
أعتّقُ الحبّ في قلبي وأعصرُهُ فأرشفُ الهمّ في مُغبرّ كاساتي) *الشاعر العراقي حسن المرواني