ماذا قدم ولي العهد للعالم؟
في العرف الديبلوماسي، يحضر القائد حينما تكون هناك صفقة ضخمة يتم التوصل إليها، أو إعلان يُغيّر قواعد اللعبة..
وهكذا، عوّدنا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان دائما على لغة «المفاجأة»، فحضور سموه إلى كل المحافل الدوليّة –سياسية كانت أم اقتصادية أو غيرها– يخرج من دائرة التمثيل إلى «التأثير» ،أطروحاته منهج، وأفكاره استشرافية يقدّمها للعالم كي يعيش للمستقبل، كما أن رهاناته دائمًا ناجحة وتأخذ طريقها سريعا للتنفيذ.
ولست مبالغًا أبدًا، وأنا أرى وأشاهد وأرصد –أثناء تواجدي في أروقة أجنحة قمة المناخ العالمية– مدى التأثير بمجرد الإعلان عن وصول طائرة الأمير محمد بن سلمان إلى شرم الشيخ، فالجميع بات يعلم أن هذا القائد لا يحضر لمجرد التمثيل، فهو لا يحضر إلا ليفعل.
ولعل من الواضح أن لتوقيت زيارة الأمير محمد بن سلمان لشرم الشيخ بعد ساعات من افتتاح قمة المناخ هدف ورسالة واضحة، فهو كما قلت في البداية لا يأتي لمجرد التمثيل، طالما لن يكون هناك «حل جذري» فيما يحصل من تداولات داخل القمة، وهذا ما يحدث فعلاً في قمم المناخ.
حتى أن الرئيس عبدالفتاح السيسي في كلمته أثناء افتتاح القمة كان واقعياً وابتعد عن الآمال والحلم بالتعامل مع قضية المناخ، حينما قال: «يتعين علينا أن نسأل أنفسنا.. هل نحن اليوم أقرب إلى تحقيق أهدافنا من عام مضى؟ هل استطعنا خلال عام منصرم أن نتحمل مسؤولياتنا كقادة للعالم في التعامل مع أخطر قضايا القرن؟»
فالرئيس يعلم جيداً أن هذه القمة ليس المأمول منها الخروج بحلول جذرية لقضايا البيئة والمناخ، فيكفي أنها قضية مستمرة منذ أكثر من27 سنة ولا زالت مستمرة وستستمر طالما مصالح الدول السياسية والاقتصادية هي اليد الطولى فيها.
يتحرك ولي العهد ليعلن للعالم نسخة ثانية من قمة الشرق الأوسط الأخضر تُحفز العالم لعمل جماعي يواجه تحدّيات بيئية واقتصادية، داعيا لتسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر وبناء مستقبل أكثراستدامة للأجيال القادمة.
يتحرك ولي العهد ليحشد الاهتمام العالمي تجاه تنفيذ الحلول، لاصناعتها من جديد، والتشارك الفعلي والعملي من أجل بيئة نظيفة تضمن للإنسان حياة آمنة.
يتحرّك ولي العهد ليحرّك عجلة الخلق والابتكار، وينتقل بطموحات الأمس إلى حقائق مشهودة وملموسة على أرض الواقع، بل وينتقل بالمبادرات التي أحدثت أثرا على المستوى المحلّي إلى مبادرات عالميّة.
من الطموح إلى العمل.. يقود وليّ العهد العالم، ويحرّك القادة والرؤساء للبدء في تنفيذ ما اتُّفق عليه –سابقا– من أطروحات وأفكار ومبادرات، تقدم –حال تنفيذها– بيئة آمنة وصديقة للإنسان، وتنهي التحدّيات المناخية المُخيفة التي تتهدد العالم كله بلا استثناء.
طموحات المملكة، التي صُنعت بالأمس، تُعِلن اليوم في شرم الشيخ إكمال طريقها، لتتحرك دول العالم في تنفيذها، وتبدأ حقبة جديدة تُرهص بعالم نظيف.