رأيت نيوم حُلماً.. وتحقق

قصص وحكايات بلسان "أمين الذكريات المعسولة" بالعلا

               سالوبيك يبحث عن قصة تليق بالنشر والمُطلق يقدم له أحد الكنوز

             حكايات الحصن الحجرى ونساء النبع أدهشتنا في القرية المفقودة

           آخر عائلات القرية الأثرية بالعلا تخرج من غرف خلايا النحل

            لماذا ابتسم المطلق وهو يروي قصص التجار على الحمير ؟

علي الحربي

ترجمة آمنة الشيخ

الحلقة الخامسة

 

بعين التخيّل؛ جعلني Paul أن أرى في رحلة السير على طريق الحاج القديم ما لم يره غيري، كنت أتابع الجمال الآسر الذي صنعته الجغرافيا وصدّقت على جماله الرمال الناعمة، كنت اسأل نفسي لماذا لم نستثمر حتى اللحظة هذه الأرض البكر التي لا يوجد لها شبيه في أى بلد آخر بالتنوع الحيوي الموجود فيها وبدون تدّخل الإنسان؟  

تساءلت كغيري من القلة التي زارت ذاك المكان الجميل وكأنني -بحس الصحفي ويحكم دراستي للتذوق الفني- تمنيت أن تُستثمر هذه الأرض من الجانب البيئي لتنقلها لأجمل بقاع العالم. هذه كانت نظرتي بتواضع شديد وخجول جداً يتناسب مع الوضع العام للرؤية من انعدامها آنذاك، وكنت حينها أحكي وأصف لمن حولي ذاك الجمال وتمنياتي لها.

ومرت السنوات وتحقق ما حلمت به، فعلى ذات الأرض أقيمت المشاريع الرائدة التي أدهشت العالم، وتغيّرت قشرة الأرض وتبدلت ملامح الخارطة وبت أبتسم بيني وبين نفسي كلما لاح لي خيال الأمس والذي تبدّل اليوم إلى حقيقة.

أكثر ما يُحزنني أنني لن أعود لتلك المنطقة وأقطعها مشياً كما فعلت سابقاً مع سالوبيك.

الجمال الآسر

 

وقتما كنا نقطع مع الرحالة سالوبيك طريق الحاج القديم للقادمين من الشمال الغربي “بلاد الشام ومصر وغيرها” لم يكن هناك مشروع “نيوم” ولا مشروع البحر الأحمر كما لم يكن مسموحا للنساء لقيادة السيارات، كنا نرى فقط أرضاً بكرًا هادئة تحمل على ظهرها رمالا بيضاء ناعمة ،ومع افتقارها لكل أشكال العمران كنت أراها بعيني أرضا جميلة الملامح تحمل كنوز السحر والجمال ،لا تحتاج إلا لمسات كي تكشف للعالم عن أسرار روعتها.

كن بطيئا

 

التسارع والتغيّر الكبير الذي مس المنطقة بأسرها قد لا يُعجب سالوبيك وهو الرجل الذي يجوب العالم ويطالب الإنسان أن يهدأ ويتمهل ويبحث عن الإنسانية، رجل غريب في مناهج حياته، يُدافع ويُكافح من أجل إقناع الناس بالصحافة البطيئة والمشي 6 ساعات خلال اليوم للوصول لمكان ما لعمل قصة يكتبها لمتابعي مجلة ناشيونال جيوغرافيك.

قفز من المظلة

 

سالوبيك رجل يسأم ويكره “الوصول السريع” ويُشبّهه بـ “القفز من المظلة” إلى النقاط الساخنة في العالم الذي كان يذهب إليها حينما كان مراسل حرب يسافر دول العالم بالطائرة من أجل قصة صحفية! وهو الآن يُنادي بأقصى الجانب الآخر بالبطئ في هذا العالم المجنون المليء بكمية معلومات متدفقة.

لحظات التوقف

كالعادة في أي توقف بعد رحلة سير تمتد لأيام من التعب والجهد لنا وللجملين (فارس وسيما)- كان سالوبيك حريصا أن يُشغل أوقاته خلال تلك الفترات إما بالتنقل وزيارة المناطق المحيطة، أو زيارات المدارس والتواصل مع الطلبة حول العالم وربطهم بالمنطقة التي يمشي فيها لتبادل الآراء حول رحلته وأهدافها.

جمال العلا

توقفنا في الوجه وطلب مني سالوبيك استئجار سيارة والسفر إلى العلا لزيارتها، وقتذاك لم تكن العلا -كما هي الآن- بعد اكتشاف جمالها المخبوء خلف كل صخرة وحجر.

قصة تليق

كان سالوبيك يستمع لصوت المطلق وحكاياته بإنصات شديد لولعه بالمباني القديمة والمهجورة وقصص القدماء لقد وجد سالوبيك في هذه الأماكن القصة التي كان ينشدها ويتمنى أن يرويها، وجد القصة التي تليق التي قطع من أجلها المسافات كي يفوز بنشرها في ناشيونال جيوغرافيك. كان Paul سعيدا بالمطلق وحكاياته حتى أطلق عليه “أمين ذكريات الطفولة المعسولة”.

حكايات المطلق

في زيارتنا للعلا قابل سالوبيك مُطلق المطلق الذي كان مسؤولاً عن إدارة هيئة السياحة -وقتذاك- قبل أن تتحول إلى وزارة، كان الرجل يحكي بشغف عجيب عن العلا وتاريخها وخصوصاً البلدة القديمة التي أسماها سالوبيك في موضوعه الذي كتبه “القرية المفقودة”.

القرية المفقودة

استطرد المطلق في حكاياته، تكلّم عن الحصن الحجري الذي يحرس أسوار القرية بالكامل ويعود لألفي عام، وحكى عن الثمانمائة منزل والتي كان يحرص أن تتحول في الغد لمتحف مفتوح للأجيال.

غرف النحل

استعاد المطلق ذكريات آخر مرة كانت فيها القرية الأثرية مأهولة بالسكان في منتصف السبعينات تقريبا كان ذلك عندما شجع المسؤولون المحليون آخر العائلات العريقة المتبقية في العلا القديمة على الخروج من غرفهم المكونة من خلايا النحل وأزقتها التي تعود إلى العصور الوسطى، وساحاتها الصغيرة الضيقة حيث كان يجلب المزارعون المنتجات لبيعها على ظهور الحمير.

حكايات لا تغيب

تجول المطلق في القرية القديمة معنا والابتسامة لا تفارق ثغره وهو يتذكر المكان الذي لا يزال حياً في ذاكرته، يعج بالألوان ونساؤه يأتين ويذهبن من النبع القريب وأصوات التجار وهم يصيحون يروجون لبضاعتهم.

الحلقة القادمة

الشخصية التي قابلت الرحالة عبدالله فيلبي والرحالة Paul salopek

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟