
تروايح المسلمين في بيوتهم خلف أئمة الحرمين
بقلم: عــبـدالله الجميلي
الإسلام دِيْـــنٌ يُــسْــرٍ لا عُــسْــر، والـعَــمَــلُ فيه على قَــدْر الاستطاعةِ، وفِــي جَـانِــب الــتّـشـــريـع والـتّـكْـلِـيْــفَــات فــرَضَ الإسلام على أتْـبَــاعِـه (عِـبَـادَات)؛ لكنه رَاعَــىَ أحــوالهم؛ فــفــي “الـصَّــلاة”؛ أجَـاز للمريض أن يُـصَــلِّــي وِفْـقَ ما يستطيع (قَـاعِـداً، مُـضــطَـجِـعَــاً، …، إلى حَــدِّ الإِمَـــاءِ بِـبَـصَــرِه، بل حتى بِـقَــلْـــبِــهِ مُـسـتَـحْـضِـراً أفْـعَــالَ صَــلاتِـهِ)!
هذا طَـبْـعَـاً غير جَـمْـعِ الصلاة وقَـصْــرِهَــا في الـسّـفَــر، وفِــي حَــال الـخَــوف وغــزَارة الـمَــطَــر، بـل ثَــبَـتَ عن نَـبِــيِّ الرحمة صلى الله عليه وسَـلم بأنه جَـمَـعَ بين صلاتي الظهر والعصر، والمغرب والعشاء في المدينة، من غير خَـوْفٍ ولا مطر ولا سفر، كما أكدّ ذلك العلماء، ومنهم المفتي السابق للمملكة العربية السعودية (الشيخ عبدالعزيز ابن بَــاز رحمه الله في مجموع فَـتَــاواه – بِـحَـسَــب الـمَـوقع الإلكتروني الرسمي لِـسَـمَـاحَـتِـه -.
يُـسْــرُ الإسلام وسَماحَـةِ تعاليمـه وتشريعاته دون بقية الأديان جعلته صَـالِـحاً لكُـلِّ زمَـان ومكان، وهـذا مَـا آمَـنَ به علماء المسلمين واهتموا بِــه؛ فـجَــاءَ عندهم مَـايُـعْــرَفُ بــ (فِـقْــهِ الــنَّــوَازِل)، وهــو المتعلـقِ بالمسائل الواقِـعَـة الجديدة التي تتطلب اجتهاداً وبَــيَــانَ حُــكْــم، وهذا مَـا عليه فُـقَـهَــاءُ الإسلام منذُ صَـدْرِه الأول وحتى عَـصـرنـا هذا!
وفي الأزمَـة التي يعيشها عَـالَـمُـنَــا اليوم مع (فيروس كورونا المستجد كوفيد 19)، فَـرَضَـت إجراءات الـحَــدّ مِــن تَـفَـشِّــيه التطبيق الحازم والصَّـارم لـ “الــتَّــبَـاعُـد الاجتماعي”، ومنه: (إغـلاق المساجد، وتعليق الـجُـمْـعَـة والـجَـمَـاعَـة)، وهو ما أَفْــتَـى به وأَقَــرّهُ رمُــوز الـفِـقْـه الإسلامي المعاصر، وكُـبْـرِيَـاتُ هيئاته ولِـجَـانِـه، كـ (هيئة كبار العلماء في السعودية، وإفْـتَــاء الأَزْهَــر وغيرهما)!
وبِـنَـاءً علـى مُـسَـلّـمَـاتِ سَـمَـاحَـة الإسلام، ومــواكَـبَـة فِـقْــهِ الـنّـوازِل الدائمة للمستجدات والحوادث والـحالات الطارئة، وبمـا أنّ شهر رمضان بعد أيامٍ قليلة، ومُـعْـطَــيَـات الـحَـاضِـر تؤكدُ استمرار غـلـقِ أبواب الـمَـسَـاجِـدُ في مـعـظـم عَـالـمِـنَــا الإسلامي؛ فلا جـمَـعَـةَ ولاجَـمَاعَـة ولاتَــرَاويَـحَ ولاتَـهَـجُّــدَ إلا في (الـحَـرمَـيـن الـشّـرِيْـفِـيْـن)!
هذه نِـداءات وصلتني مِـن أعزاء يُـقيمون في عـدة دوَلِ، وكُـلّهم يـتَـمَـنَّـون على (هيئاتنا العلمية العظيمة، وفـقـهـائنا الأجلاء) دِرَاسَــةَ إمكانيةِ جَــوَازِ مُـتابعةِ المسلمينَ في كُــلِّ أنحاء المعمورة “ذكوراً وإناثاً” وهم في (بــيــوتِـهــم) لأحـد أئمة الحرمين الشّـريفين من خلال الـرائِـي “الـتِّـلْــفـاز”؛ وفي صلاتي الــتّــراويح والتّـهَـجّـد (لاغير)؛ باعتبارهما مِـن الـنّـوَافِـل، دون الـمَـسَـاس بِـثـوابِــت دِيْـنِـنَــا – وهم الحريصون على ذلك -!
أخيراً صـدقوني ((لـو أمْـكَــن ذلك – استـثــناءً – في هذه الظروف، وفي الصلاةِ النَّـافِـلة “فقط”)) فإنه سيكون مـشـجِـعاً ومُـحَــفِّـزاً للأُسَـر على أداء تلك العبادة في طمأنينة وخـشــوع، لِـتُـصبح البـيـوت الإسلامية عامرة بـذكر الله تعالى في لَـيَـالي شَـهْـرِنَــا الفضيل، وستكونُ هذه الحالة سابِـقَــة في عصرنا يجتمع الـمـسلمون فيها وعليها؛ ويبقـى نـحـنُ هنا نسألُ فقط؛ (أما الـجـوابُ الصحيح، والـرّأْي الأتَـمّ والأكْـمَــلُ فِـعـنــد عـلَـمائِـنـا وفـقَـهـائِـنَــا الــفـضــلاء، الذي نفتخر ونعتز بهم، وسَـمْـعَــاً وطاعَــة لـمَـا يَـصْـدرُ عنهم)!