لا.. ليست مسكينة ولسنا مساكين

من غرائب بعض المجالس المدينية تمسكّها حتى اليوم بتلابيب القديم دون الالتفات والتوثق لما حمله لنا الماضي من أسماء بلا جذور وأوصاف بلا مرجعية ولا سند مقبول.

رحلة طويلة عاشتها المدينة المنورة رافقت فيها المجد خُطوة بخطوة، رحلة نصر فيها أهلها الدين الإسلامي، فتحوا الأرض، كسروا الإمبراطوريات والممالك، أجبروا التاريخ على تسجيل عظمتهم ومفاخرهم في أولى صفحاته؛ وبعد كل ذلك يخرج علينا من يقول: “المدينة مسكينة وأحنا مساكين”!

بعد كل تلك القصص والمعارك والبطولات والغزوات والمآثر والفتوحات والتاريخ الذي يفخر به التاريخ نفسه يأتي من يقول: المدينة مسكينة وأهلها مساكين! حتى في عصرنا الحاضر بطولات قبائلها وعوائلها ومعارك إلى قبل توحيد المملكة شهدت على شجاعة وقوة أبنائها ودورهم حتى في تأسيس دولتهم.

أسماء وأوصاف يكرّرها البعض خطأ فاقتفينا نحن أثر أخطائهم حتى بات الخطأ إرثا وموروثا علينا حفظه وتكراره مخافة الضياع!
خشينا على الإرث الخاطئ والمغلوط من الضياع فضيّعنا به أجيالا وراء أجيال، فهل نريد تعليمهم المسكنة والضعف والهوان بدعوى أن المدينة مسكينة وأهلها مساكين!. استبدلنا مفردات العزة ورفعة الرأس والشموخ والخيلاء والمجد بنقيضها من الذل والانكسار والهوان!

من قال عنها مسكينة وعنا مساكين؟! سؤال لماذا لم نُجهد أنفسنا بحثا عن إجابة له اعتقادا منا أن حكايات الماضي ثوابت ما علينا إلا تكرارها واستعادتها دون تمحيص أو حتى اقتراب.

لماذا غيّبنا القوة والشموخ والعلياء -أقوى خصال الانسان المسلم- لماذا نسينا مثالب المسكنة والضعف والهوان التي كرهها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ودعانا جميعا لرفضها وكراهيتها وهو يواجه رجلا يصلي، حانياً ظهره، منكسا رأسه، مطأطأ إلى الأرض قائلاً: “ارفع رأسك. لا تُمِت علينا ديننا” وفي مقولة أخرى “أمتَّ علينا ديننا أماتك الله”

أين نحن من حديث الرسول الكريم “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف..”

ضريبة الأثر الضعيف والأسماء والأوصاف مُفتقدة السند يدفعها اليوم الأجيال ممن علمناهم أن المسكنة إرث و”المسكينة” موروث والضعف والهوان اقتفاء للأثر. ربيناهم على الضعف بأمر القصص الضعيفة والرخوة التي يرغبها ويريدها الدراويش.
المدينة المنورة -صانعة المجد والتاريخ- التي قدّمت للعالم عبر مشوارها الطويل أعظم صور البطولة على مسارح الغزوات والفتوحات ليست مسكينة، كما أن أبناؤها تاركو بصمات النجاح والنبوغ والتفوق في كل بلاد العالم -شرقه وغربه- ليسوا مساكين.
هناك فرق كبير بين أن تكون طيب
وأن ترضى أن يقال عنك مسكين
العجيب أنه يقال أيضاً أن من أسماء المدينة “الجبارة” فلماذا لم تقولوا أن أهلها جبّارين أو جبابرة، على الأقل فيها شوي “شكالة”

ختاماً..
المسيحيون يقولون نقلاً عن الإنجيل: إذا ضربك أحدهم على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر، وإذا أخذ أحدهم رداءك فأعطه إزارك!! (يعني خلك رخمة)

الأديان السماوية أديان رفعة وفخر وعزة وأنفة وشجاعة وقيم تتوجها وتطرزها وتزينها الأخلاق والإسلام ليس دين مسكنة وذلة وهوان وضعف فلا تميتوا علينا ديننا..

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟