
التقاعد.. افهمه قبل أن تطبقه
كي تكون جزء من الشيء فلابد أن تتعامل معه، فإن أردت أن تكون جزء من الأسرة لابد أن تكون عضوًا فاعلاً ولك أدوار تقوم بها، وكذلك ينطبق الحال في أي حالة تنتمي إليها.
وبالتالي كونك جزء من الحياة فهذا يعني أن تتعامل مع هذه الحياة ويكون لك أدوار تمارسها، ومن أهمها العمل، فبقاؤك دون عمل يعني أنك تتنازل عن حقك في الحياة.
فالعمل ليس ضرورة للكسب المادي بل ضرورة اجتماعية، يقول (روزفلت) إن العمل هو أفضل جائزة منحتنا إياه الحياة.
والتقاعد هو اختراع ألماني حدث سنة 1880م أيام الرئيس (أوتوفون بسمارك) لأغراض معينة لسنا بصدد تحليلها، ولكن باختصار كان معدل الأعمار حينذاك 67 عامًا فأوجب التقاعد حين بلوغ سن الخامسة والستين، لضخ دماء جديدة في العمل.
أما الآن فالوضع مختلف تمامًا بتغير في متوسط الأعمار بشكل عام، ناهيك عن نظام التقاعد المبكر وما يخالطه من تداعيات فردية وأسرية ومجتمعية وحكومية.
فلا يوجد في التاريخ قبل إقرار نظام التقاعد في المانيا سن للتوقف عن العمل إلا لظروف صحية أو بسبب الوفاة.
وإن كان لا بد من التقاعد الوظيفي لأي ظرف من الظروف، فلا يكن (التقاعد) بداية لاعتزال المشاركة الفاعلة في الحياة، أي تبقى في الحياة مجرد رقم في احصائيات السكان، لأنك في هذه الحالة ستفقد متعة الحياة وستشعر بأنك عالة عليها وعلى من حولك فاحذر أن تكون كذلك.
الفراغ يشكل مشكلة كبيرة تلقي بظلالها على من حولك، إما باختلاق المشكلات أو بإرباك سير نمط حياة من حولك، والاصطدام بمواقف لم تتوقعها يكون تأثيرها صادمًا قاسيًا.
وكما قيل فـ (أخطر سنتين تمر على الإنسان سنة ولادته وسنة تقاعده)!
وكما كنت تخطط قبل الالتحاق بالعمل وأثناء العمل فعليك أن تخطط لما بعد التقاعد وأثناء التقاعد، واعلم إن الإنسان خلقه الله لإعمار الأرض والبناء، وكل حسب إمكاناته واستطاعته.
أما الاستسلام فلا يكن له في تفكيرك طريق ومطراق، وإن كنت قد تشبعت من العمل وروتين الدوام ولا تمتلك القدرة على الإنتاجية الفكرية والاستشارية فليكن عنوان المرحلة عندك هو الاستكشاف والترويح عن النفس بالطرق التي تتناسب ووضعك الصحي والمادي، وكل شخص أعرف بظروفه وما يحتاج إليه.
لكن إياك إياك أن تركن للقعود وتتناسى أنك كنت لفترات طويلة صاحب مشاركات إيجابية أثناء حياتك العملية.
وربما يكون التقاعد بداية متميزة في حياة عملية جديدة بأسلوب مختلف وظروف مختلفة.