رحمك الله يا أبا نايف

فقدت الساحة الاجتماعية في وادي الفرع – الجمعة – رجلاً من خيرة رجالها وعلماً من أبرز أعلامها وخبيراً من القلة النادرة التي تقدر الرجال والمواقف والأحداث .

ذلكم هو الشيخ صلاح بن خصيوي المحمادي العمري الحربي يرحمه الله .

صلاح.. ذلك الرمز الذي له ثقله في كافة ربوع وادي الفرع بل في أنحاء منطقة المدينه المنورة .

صلاح .. الذي جمع من المزايا والخصال ما اهَله ليكون رجلاً للحب والفضيلة والسلام .

صلاح .. الذي عرف عنه الجهر بقول الحق ونبذ الباطل بكل صوره وأشكاله .

صلاح .. الذي صار له من اسمه نصيب في الإصلاح بين الناس على مستوى الأفراد والجماعات والأسر والقبائل .

صلاح .. الذي تميز مجلسه بالجزالة والحب والصدق والصفاء والتواد والتراحم أينما حل وحيثما ارتحل …

صلاح .. الذي يرتضيه الخصوم عندما تدلهم بينهم قتامات العداوات والأحقاد وينثر الشيطان كنانته بينهم بالتراشق بسهام العداوات وطمس الحقائق …

صلاح.. الذي لا يبالي في قول الحق مهما كانت وعورة مسالكه ومهما تجرع مرارته اصحاب الباطل وذووا الأهواء المغرقة ومهما دلس المبطلون والمنافقون …

صلاح.. الذي لا يتوانى عن كل ذي نخوة وطالب مساعدة وباحث عن الحقيقة …

صلاح .. الذي يتناسى مصالحه والامه و مشغولياته ليقف مع من يستنجد به أو يلوذ بحماه …

صلاح .. الذي بفقده اليوم في منطقة وادي الفرع تتمثل على ربوع الساحة معاني هذين البيتين لشاعر قديم صوّر هول الفاجعه وقدّر عظم الحدث حيث يقول :

لَعَمْرُكَ مَا الرَّزِيَّةُ فَقْدُ مَالٍ        وَلاَ شَاةٌ تَمُوتُ  وَلاَ  بَعِيرُ

وَلَكِنَّ  الرَّزِيَّةَ   فَقْدُ حر          يَمُوتُ لِمَوْتِهِ  خَلْقٌ  كَثِير

نعم .. يا أبا نايف لقد كان لفقدك في هذه الظروف وفي هذا الوقت الذي يحتاج فيه المجتمع لأمثالك عقلاً ورصانة ورجولة وبعد نظر الشيء الكثير أمام عارفي قدرك ونزاهة لسانك وصفاء قلبك وحسن نيتك …

يختلف الناس وتتنوع أغراضهم وتتعقد أمورهم فيرتضونك جميعهم للنظر في حل مشاكلهم …

يختلفون في وجهات نظرهم ويتراشقون أمامك بالسباب والشتائم ولكنك بحصافتك وعقلك ومراسك تتغلغل الى دواخل نفوسهم باحترافية مميزة وطيب قولٍ واستجداء نخوة وخطاب عقل تذلل المصاعب وتقنع القلوب والنفوس لترسم امامهم جادة الحق والصواب والعدل والإنصاف…

تخاطب الناس على قدر عقولهم ليرتضوا قولك ويقتنعوا بما ترسم لهم من حقٍ تراه يتفق مع المنطق والحجة والدليل ..

لا تحيد عن قول الحق والإنصاف مع رغبتك الملحة في كل الأوقات على الإصلاح بين الناس وإعطاء أصحاب الحقوق حقوقهم …

أقول كل ذلك ولا أزكيك عن الله سبحانه وتعالى ولكنني عرفت منك وعنك في مختلف المواقف ما رأيته ولاحظته من خطواتك في الفصل بين الناس الذين يأتونك وينشدون عندك حقاً أو حقيقة .

إنك يا أبا نايف رجل معرفة ورجل مواقف من طراز فريد .

عرفت عنك يرحمك الله حبّك الذي لا يقف عند حد لهذه البلاد ولقيادتها وسعيك لمصلحة وادي الفرع بكامله في كل بارقة امل للتطوير والبناء في كل مجالات الحياة والحضارة والتقدم والرقي.

عرفتك يا أبا نايف من خلال الكثير من المواقف والأحداث .

من خلال سيرنا معاً في المجلس المحلي لوادي الفرع لمدة اربع سنوات ومن خلال ما رأيته منك من رغبة ملحة للإصلاح بين الناس في مواقع عديدة كان لي شرف مرافقتك فيها .

ومن خلال حماسك الذي لا يعرف الحدود لتطوير قرى وادينا المنيف وادي الفرع بكامله .

ومن خلال ذلك الكرم الحاتمي الذي تبذله لكل ضيف يزور الوادي أو ترى من أي مسؤول يداً تبني أو ساعدا يشد به العضد .

لقد كنت أيها العزيز جبلاً أشماً يستضل بضله وله المكانة السامية طوال حياتك وبفقدك اليوم تفقد الكثير من القيم والأخلاق التي يتميز بها الرجال ويذكرون بها أحياءً و أمواتاً (قد ماتَ قومٌ وما ماتَت ْمكارِمُهم وعاشَ قومٌ وهُم في الناسِ أمواتُ)

فرحمك الله رحمة الأبرار واجزى لك الأجر والمثوبة في كل موقفٍ وقفته لنصرة الحق والصدق والفضيلة .

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟