جريمة كاملة على متن طائرة

الديلي ميل تستعيد النقطة السوداء في تاريخ الـ FBI

حديث المدينة

كثيرا ما نُكرر أن الجريمة الكاملة إكذوبة وأن الجناة دائما ما يتركون خلفهم بصمات وشواهد تأتي بهم ولو بعد سنوات .ومع قناعتنا بهذه الحقيقة تبقى هذه الجريمة خاصة هي الأكثر اكتمالا في التاريخ بل هى ذاتها التي مثلت النقطة السوداء في تاريخ الـ الـ FBI . ومع غرابة حادثة اختطاف الطائرة المتجهة إلى مكسيكو سيتي وأحداثها الدراماتيكية إلا أن قمة الإثارة تتجلي فى خروج الركاب بأمان وهروب المختطف أيضا بسلام .

حكاية نستعيد مشاهدها ليس لأنها تجمع بين فصول الإثارة و الجرأة والدهشة فقط بل لأنها وقعت في مثل هذا اليوم من 50 عاما . ومع مرور السنوات الطوال  لاتزال الـ FBI تبحث عن المختطف كى تطوى صفحة تلوّنت بالسواد في تاريخها .

بعد الإقلاع بـ 25 دقيقة تقدم أحد الركاب بهدوء وثقة وعلى محيّاه ابتسامة عريضة إلى المضيفة ليخبرها بأنه يمتلك قنبلة وإنه سيفجر الطائرة بمن عليها بعد دقائق .وعلى الفور اتجهت المضيفة إلى الكابتن لتخبره بالأمر فظنها تمزح ولكن الراكب لحق بها بخطى غير مرتجفة حاملاً حقيبته المتوسطة ومن ثم فتح حقيبته للكابتن ليظهر مابها من شحنة متفجرة .

سأله الكابتن عما يريد فطالبة إبلاغ قيادات المطار على الأرض بفتح قنوات اتصال بينه وبينهم ليملي عليهم مطالبه فاستجاب الكابتن وقام قائد الطائرة بمخاطبة أبراج المراقبة وأعلمهم باختطاف الطائرة مطالبا بتفويض مندوب للتفاوض مع المختطف .

طلب المختطف ممن يفاوضه دفع مبلغ  مليون ونصف المليون دولار فديّة و تجهيز 4 مظلات هبوط الأمر الذي حيّر من يحدثه فربما كان المال مطلبا طبيعيا لكن لماذا المظلات ؟ ومن أين يأتى المختطف بجرأة القفز من طائرة تحلق من ارتفاع شاهق . ورغم احساس سلطات المطار بأن المُتحدث مجنون إلا أنها استجابت لحديثه واستمعت لمطالبه بإنصات.

هبطت الطائرة بمطار سياتل – كما حدد المختطف – وقامت سلطات المطار بتجهيز ما طلبه فيما رابض رجال الأمن كلّ فى موقعه تمهيدا للإيقاع بالمختطف إلا أنه أمر الطيّار بإطفاء إضاءة الطائرة بالكامل ليصعب تتبعها أثناء الهبوط، كما أمره بالهبوط على الممر الأخير بمهبط المطار ثم طالب بتسليمه المظلات الأربعة وحقيبة النقود عن طريق أحد عمال المطار وتزويد الطائرة بالوقود .

بعد تأكد المختطف من سلامة النقود والمظلات وتزويد الطائرة بالوقود أطلق سراح كافة الركاب وأبقى على أربع رهائن فقط  .المضيفة ومهندس واثنين من طاقمي القيادة ثم انطلقت الطائرة لتحلق خارج الحدود الأمريكية إلى العاصمة المكسيكية مكسيكو سيتي.

تتبع رجال الأمن الطائرة – وفقا لما نشرته الديلي ميل – من خلال أجهزة الرادار وأطلقت القيادة الأمريكية طائرة حربية لتتبع خط سيرها . وكان رجال الأمن على يقين أن المختطف لن يفكر على استخدام أىّ مظلة حيث لم يسجل التاريخ أي محاولة قفز من طائرة مدنية كما أن الطائرة المختطفة كانت من نوع بوينج 727 الذي يحلق على ارتفاعات شاهقة كل هذا يضاف إلى أن الطقس كان مُلبدا شديد العواصف ولا يتناسب أبداً مع قفز المظلات،

أصدر المٌختطف تعليمات للطيار بالتحليق بأقل سرعة ممكنة وعلى أدنى ارتفاع آمن وبينما الطائرة متجهة إلى مكسيكو سيتي بالسرعة التي أقرها طلب المختطف من المضيفة أن تقوده إلى الباب المخصص للطوارئ ليقفز المختطف من ارتفاع يتجاوز 10 آلاف قدم عن الأرض ومن أعلى طائرة تنطلق بسرعة 200 ميل دون أن يكون مرتدياً أىّ من الملابس الواقية اللازمة للقفز كالخوذة وما يشابهها.

قام فريق المكتب الفيدرالي بتحديد موقع الهبوط بضاحية مدينة وودلاند بجنوب ولاية واشنطن وليقوم ما يزيد على 300 شرطي بعملية التمشيط والبحث فلم يعثروا إلا على المظلة ورابطة عنق خاصة بالمختطف.

الاسم الذى سافر به المختطف كان اسما مستعارا حتى الصورة الشهيرة التى تناولتها الصحف ليست صورته الحقيقية إنما هي مجرد صورة رسمها الرسام الجنائي بناءً على أوصاف الشهود.

المثير أن 50 عاما أو مايزيد مضت . فيما لا تزال الـسلطات الأمريكية تبحث عن المختطف ولم تعثر عليه ولا على بقايا البقايا من حقيبة المليون ونصف حتى اليوم

من 30نوفمبر  1971 حتى 30 نوفمبر 2019  والـ FBI تبحث . والسؤال كم كان عُمر الجاني عند القفز وكم ياتُرى عمره الآن ؟ وهل لايزال حيّا حتى اللحظة يتمتع بحقيبة المليون ونصف المليون دولار ..أم أن مات تاركا وراءه جريمة كاملة ونقطة سوداء في سجل جهاز أمني كبير .

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟