سائق الأظعان

بقلم د.تنيضب الفايدي

من عهد الصبا وفي ينبع البحر، كانت الكتب والمجلات والصحف المصرية تأتي إليها وتقع تحت يدي أغلبها ولا أذكر كيف تأتيني؛ لأن ذلك قصة أخرى ووقع في يدي كتاب لإبن الفارض رحمه الله، وحفظت أغلب شعره الذي يذوب حباً، وتتذوق طعمه وأنت تردده، وذلك في المرحلة المتوسطة، ومن ضمن قصائده ” سائق الأظعان” وفقدت ذلك الكتاب وأسعفني أحد الإخوة الأعزاء على قلبي بصورة منه وورد في قصيدة سائق الاظعان كلمة أذكر منها ” كثبان طي ” وقد أصدرت كتاباً قبل عشرة أعوام بعنوان ” حاتم الطائي سيرته وثقافة عصره ” وترجمه النادي الأدبي بحائل مشكوراً إلى اللغة الفرنسية والصينية، والغريب أنني نلت كرم حاتم بعد وفاته حيث استلمت ثمناً لعدد من النسخ لذلك الكتاب مبلغاً ساهم في طباعة كتابين آخرين ويسرّني أن اقتطع جزءاً من مقدمة كتاب حاتم الطائي لوجود مقدمة سائق الأظعان في بدايته.

وهناك مفردات لابدّ من إيضاحها والتعريف بها أدبياً .

كثبان : جمع كثيب وهو التل الرملي الصغير وإذا كبر يسمى ( الأحقاف ) جمع حقف وهو الجبل الرملي الكبير .

طي:  قبيلة عربية عريقة ضاربة في التاريخ منها حاتم الطائي، وسفانة بنت حاتم الطائي، وعدي بن حاتم الطائي ( رضي الله عنهما ) وكثيرٌ من الشعراء أمثال أبو تمام والبحتري وكفى بذلك للقبيلة فخراً.

الجزع : منحنى الوادي وهو جانب مرتفع عن مجرى الوادي وعادة يكون السكن ومقر الخيام.

ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه

من المسك كافوراً وأعواده رندا

وما ذاك إلا أن هنداً عشية

تمشت وجرت في جوانبه بردا

النقــا : الجانب الأيسر لوادي بطحان عند دخوله المدينة المنورة القديمة.

عين النقا : عين (بكسر العين) جمع عيناء أي واسعات الأعين حسانها، وحسن عين الأنثى يعتبر مجمع الحسن وأعظم الأدلة على جمالها، ولاسيما إذا كانت حوراء ( حور عين ) والحوراء التي في عينها كَحل وملاحة وحسن وبهاء.

قال الشاعر:

من عذيري يوم شرقي الحمى

من هوىَ جدّ بقلبٍ مزحا

نظرةٌ عادت فعادت حسرة

قتل الرامي بها من جرحا

قلن يستطردن بي ( عين النقا )

رجلٌ جُنَّ وقد كان صحا

اذكرونا مثل ذكرانا لكم

رب ذكرى قربت من نزحا

واذكروا صباً إذا غنى بكم

شرب الدمع، وعاف القدحا

المنحنى : يقابل النقا من الجهة الشرقية من وادي بطحان أي: جنوب وشرق مسجد الغمامة حالياً. وقد تغير وضعه وأصبح موقعه عمارات شاهقة.

أما الأبيات التي تم اختيارها وإهداؤها إلى حائل وأهلها فهي :

سَائقَ الأَظْعَان يَطوي البِيدَ طَيْ

مُنْعِماً عَرِّجْ على كُثْبَانِ طَيْ

وبِذَاتِ الشِّيحِ عَنِّي إَنْ مَرَرْ

تَ بَحَيٍّ مِنْ عُرَيْبِ الجِزْعِ حَيْ

وتَلَطَّفْ وَاجْرِ ذِكْرِي عِنْدَهُمْ

عَلَّهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا عَطْفاً إِلَىْ

قُلْ تَرَكْتُ الصَّبَّ فِيْكُمْ شَبَحاً

مَالَهُ مِمَّا بَرَاهُ الشَّوقُ فَيْ

رَوِّحِ القَلْبَ بِذِكْرِ المُنْحَنَى

وَاَعْدْهُ عَنْدَ سَمْعِي يا أُخَيْ

لَمْ يَرُقْ لِي مَنْزِلٌ بَعْدَ النَّقَا

لاَولاَ مُسْتَحْسَنٌ مِنْ بَعْدِ مَيْ

مَا رَأَتْ مِثْلَكِ عَيْنِي حسناً

وكَمِثْلِي بِكِ صباً لَمْ تَرَىْ

آهٍ وَاشَوقِي لِضَاحِي وجهِهَا

وظَمَا قَلْبِي لِذَيَّاكَ اللُّمَيْ

سَائقَ الأَظْعَان يَطوي البِيدَ طَيْ مُنْعِماً عَرِّجْ على كُثْبَانِ طَيْ
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟