التفكير الناقد.. فخر المقررات الدراسية

تصفحت فتمعنت مقرر (التفكير الناقد) ضمن مقررات نظام المسارات للمرحلة الثانوية للسنة الأولى المشتركة، وكان بحق هو ما ينقص المناهج الدراسية سابقًا، ولكن كما قيل “أن تصل متأخرًا خير من ألا تصل أبدًا.

كتاب غاية في الأهمية ليس للطلاب فقط وإنما أدعو الجميع لقراءته ودراسته دراسة متأنية ومراجعته بين الفينة والأخرى.

  ورد في مقدمته:”… إن جودة حياتنا تعتمد بالإضافة إلى معارفنا على جودة تفكيرنا وعمقه أيضًا، لذا فالهدف هو إعداد الإنسان المفكر الممتلك للمهارات الضرورية. إن فهم الواقع المعاصر المقرون باستشراف المستقبل يدفعنا إلى أن نستعد للتعامل والتكيف مع مستجدات العصر ومواجهة تحديات المستقبل.”

وفي فقرة لاحقة من المقدمة نفسها وبتصرف ( إن انخراطك في ممارسة مهارة التفكير مع الآخرين سوف ترى أثره على المدى القصير والبعيد، فالتفكير يؤدي دورًا محوريًا في إعدادك لتكون أكثر وعيًا وأدق حكمًا وأضمن نجاحًا).

أيضًا كتب في مقدمة الكتاب “…من خلال تعلم مهارة التفكير تكتسب مهارة طرح السؤال والتمكن من أدوات تمحيص المعطيات وتحليل البيانات واكتساب القدرة على الحجاج والبرهنة والاستدلال المنطقي، ومن كيفية حل المشكلات…” وهذه الفقرة أخذتني إلى أستاذ النقد والنظرية الدكتور عبد الله الغذامي “ثقافة الأسئلة-مقالات في النقد والنظرية” حيث يقول إن من أهم المسائل الثقافية والعلمية وأخطرها مسألة الأسئلة فالسؤال هو من يقرر الإجابة، وإن فن صناعة الأسئلة من أصعب فنون القول والمنطق، وإن كثرة البلبلة الفكرية في واقعنا العربي  الفكري المعاصر هي بسبب أسئلة مهزوزة قادت لإجابات مصابة بمثل داء تلك الأسئلة، ويقول أيضًا في عبارات راقية جدًا : الأسئلة هي التي أوقعتنا في بركة التناقض منذ أن سمحنا بدخول “أم” في وسط قضايانا التي نتساءل عنها ” الأصالة أم المعاصرة”!

وحينها ستأتي الإجابة لتضع إحداهما في نفيض الأخرى.

وحين بدأتُ اتفحص محتويات الكتاب وجدت ما ذكره الدكتور الغذامي حاضرًا في إحدى صفحات المقرر، شعرت حينها شعور الفخر والفرح أن تكون مقرراتنا الدراسية مواكبة لما وصل إليه ابن هذه المملكة من مهارات ثقافية وفكرية عالية المستوى.

والمبهج أيضًا أن الكتاب حوى بين دفتيه مجموعة من مقولات شخصيات وطنية ذات طابع عالمي في الفكر والثقافة، إضافة للدكتور الغذامي كـ القصيبي وغادة المطيري وعبد الله الربيعة وحمد الجاسر مع حفظ الألقاب لهم جميعًا وغيرهم من قيادات الفكر والكتابة والثقافة في المملكة وبعض مقالات كتاب الصحف السعودية مع وجود العديد من أقوال قادة الفكر والثقافة العالميين.

لذلك أدعوك يامن تقرأ هذا المقال-مرة أخرى-أن تستمتع بقراءة هذا الكتاب ولن تندم بحول الله– وستجد قيمًا ومنطقًا مختلفًا عما عهدناه في مناهجنا الدراسية وبطريقة جاذبة إضافة للفخر الذي ستشعر به وأنت تقرأ أسماء مفكرين ومثقفين من بني وطنك.

أخيرًا أرجو من قيادات التعليم أن يولوا هذا المقرر اهتمامًا وألا يكون اسناد تدريسه حسب الجدول المدرسي وإنما يسند لمن لهم القدرة على بلورة هذا المنتج القيّم في أذهان أبنائنا الطلاب ليستحيل إلى ثقافة عامة لدى الجميع.

(أعز مَكَانٍ في الدُّنَى سَرْجُ سَابِحٍ   وَخَيْرُ جَلِيْسٍ في الزَّمانِ كِتابُ) *المتنبي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟