رَجُــلٌ حَــلِــيْــقُ الــذِّهْــنِ

بقلم: عبدالله الجميلي

* قَـابلته بعد رحـلَــة عَـمْـل خارجية؛ ودارَ الحديثُ حولها؛ إذ سألني مَـن سَـافَـر معك فقلت: (فُـلَان)؛ فعاجلني بسؤال – يبدو أنه يرافق شَـفَـتَـيْــه في كُــلِّ حِـيْــن – : ومَـا تَـوجّـهُـهُ؟! فاجأني السؤال، بحثتُ عن الإجابة، فبادرته: إنه مُـسْـلِـم، فنهرني أعْـرِف: ولكني أقصد: (هل هو ليبرالي أم عِـلمَـانِـي أم إسلامي؟! وما منهجه الفكري داخِـل تلك الدائرة بعد ذلك: أَسَـلَـفيٌ هُــوَ أم …، أم…؟!).

* نظرتُ في عَــيْـنَــيْــهِ الجاحظتين، ولَـمَـحْــتُ أذنيه المفتوحتين بَـحْـثَـاً عن ردّي؛ حيث فَـكّـرت، وتذكرت أنّ رفيقَ سَـفري مِـن عامة عباد الله المساكين؛ صلاته كصلاتنا، أخلاقه رائعة، تعامله إنساني، ابتسامته دائمة، وصحبته لا تُـمَـلّ!

* قطع تفكيري إصراره على سؤاله: هَـاه، ما تَـوجّـهُـهُ؟! فقلت له بَـعْـد تنهيدات وزَفَـرات: لستُ أدري، لكنه نعم الرفيق والصديق، ثمّ اعلم يا هَـذا أن كل تلك التصنيفات لا تهمني؛ فيكفني من الإنسان إيمانه بالمُـسَـلَّــمَــاتِ والــثَّــوَابت من الـدّين إذا كان مسلماً، وكَـريم تعامله، وحُـسْـن خُـلُـقه!

* تركني، وانصرف غاضباً، وهو يُـتَــمّــتِــمُ بكلمات مبهمة، يبدو منها أنه مَــارسَ تصنيفي وقَـذفِـي في قَـاع (فِـكْـرٍ ما) اختاره وارتضاه لي؛ فهذا وأمثـاله مِــن محدودي العقل وحَــلِـيـقِــي الــذِهْــن إنْ لم تكن (معـه)، وتُـبــحــر في تياره؛ فالمؤكد أنـك (ضِـده)، وهذا كفيلُ بأن يَـشُـنَّ الحرب عليك، ويعمل على تشويه صورتك، والاستعداء عليك!!

* وهنا أبحر عقلي الصغير في سماء النظر والتفكير؛ لِـيَـتساءل ببراءة لماذا غاب حُـسـن النّـيّــة والـظّـن بعباد الله؟! لِـيُـصبح الـهَـمّ الوحيد تصنيفهم وتوزيعهم على التيارات الفكرية بأحكام جازمة؛ بناءً على المظهر، وبمجرد السماع، و(وِكَــالَــة يُـقُـولُــون)، ليعقب ذلك رمْـيهم بالاتهامات المعلبة، التي منها التخوين، وتَـقْـوِيْـض أركان الدِّين، وتفتيت عُـرى الوطن!!

* تساءل عقلي: لو أنّ أحدهم يُـصَـلِّــي صباحَ مساءَ، ويصوم كلّ أيامه صيفاً وشتاء، ويحج كل عامٍ دون عناء؛ فما الـذي يعود من ذلك على الناس؟! فتلك أعمال مباركة (نعم)؛ ولكن خَـيرها له، وثوابها له؛ أما الـبَــشَــر فلا يهمهم منه إلا سلوكه معهم؛ فهم لا يريدون منه إلا حُـسْـن الخُـلـق والصدق، ويبحثون فيه عن الوفاء، وعن العَـدل والأمانة، وينشدون منه الابتسامة؛ فالدّين المعاملة! أخيراً عزيزي القارئ اِسْـأل نَـفْـسَـكَ عن تَـوَجُـهِــكَ؛ حتى تكون جاهزاً عند سؤالك بإجابتك!

 

للتواصل:

تويتر: @aaljamili

aaljamili@yahoo.com

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟