الكورونا..هذبتنا

بقلم: سامية المغامسي

 


هذبتّنا هذه الكو
رونا في أمورٍ كثيرة انشغلنا عن فعلها أو بمعنى أصح انشغلنا عن استشعارها، نعم استشعار النعم التي كانت تحيط بنا ولم ننتبه لها، وكأننا كنا نشعر بأنها من البديهيات المسّلم بها في حياتنا.. لم يخطر ببالنا يوما أننا ممكن أن نفقدها ونستشعر غيابها، من أهم هذه النعم هو الخروج من المنزل والتنزه واللقاء مع الأهل والأصدقاء ،حتى الدوام الذي لطالما تضجرنا منه، نتمنى الآن أن يعود وتعود الحياة لروتينها ، نعم  روتينها هو أكبر نعمه كنا نعيشها ولم نشعر بها.. لطالما رددنا كلمة (ملل)، (طفش)،(روتين) ، أين هذه الكلمات  الآن اختفت من قاموسنا وبدأ الندم يتسلل إلى قلوبنا، حتى الأطفال كانوا لا يستشعرون أي نعمه، نحرجهم إلى الحدائق والمولات والمطاعم وحتى السفر وما أن نعود إلى البيت حتى يتفوهوا بكلمة ملل.. الآن ظهر الحق لنا وبدت تلك النعم  التي طالما تنعمنا بها ولم نشكر الله عليها..

هذبتنا هذه الكورونا وجعلتنا نستشعر قيمة الوطن، قيمة هذه الأرض الطيبة التي تبنّت المقيمين في هذه الازمة قبل المواطنين ‘إن اعيننا أبصرت إنسانية هذه الدولة العظيمة التي تعمل جاهده لحماية أبنائها من هذا الفايروس المنتشر، وفرت لنا إجراء المسحة مجاناً في حين أن دول أخرى تجريها لمواطنيها بمقابل مادي، هذبتنا هذه الكورونا وجعلتنا نفتخر بوطننا ونحمد الله على قادتنا وولاة أمرنا.

هذبتنا هذه الكورونا عن الذهاب للمستشفيات لأقل عارضٍ صحي دون أن نبحث في البيت عن وسائل ومشروبات ممكن أن تغني عن المضادات التي أضعفت مناعتنا ، هذبتنا فأصبحنا نبحث عن الأطعمة الصحية التي ترفع من مناعتنا ،ونبتعد عن كل المأكولات السريعة التي تعودنا على جلبها من المطاعم ، هذبتنا هذه الكورونا وجعلت ربات البيوت يطهين كل أنواع الطعام وب ألذ وأشهى مما كان يُشترى من المطاعم فتوفرت الميزانية ،وتوفر الطعام اللذيذ الملئ برائحة الأمهات الطاهرات هذبتنا هذه الكورونا وجعلتنا نُسرع الى الرياضه لأنها وكما نصحنا الأطباء تزيد من ارتفاعمناعة الجسم ، فأصبحت جزء من يومنا  الذي يتوجب علينا عمله صغار وكبار .هذبتنا هذه الكورونا وجعلتنا نلتزم بقواعد النظافة التي  طالما غفلنا عنها مثل غسل اليدين ،تعقيم المشتريات ،عدم لمس الأسطح المتسخة.

هذبتنا هذه الكورونا وجعلتنا نحتفل بالعيد في بيوتنا ونصنع الكعك والمعمول من مدخّرات بيوتنا ،والاستغناء عن التكاليف الباهضة في شراء الحلوى، لبسنا  أجمل ما لدينا دون أن نذهب للأسواق ،زينّا جدران البيت بأبسط ماتوفر لدينا من أوراق وألوان، وألتف كل أفراد الأسرة للمشاركة في هذه الفعالية السعيدة.

.هذبتنا الكورونا وجعلتنا نقيم افراحنا على قدر وجود أحبابنا المقربين ودون أن ينقص ذلك من فرحة العروسين بل على العكس توفر لديهم مايحييهم حياة جميلة دون اللجوء الى القروض البنكية والديون الشخصية كما في السابق، هذه الكورونا أشعلت فتيلة الإبداع فينا ، كل منا استيقظ على موهبته التي أطفأها ضياع الوقت سابقا في مالا جدوى منه ،وكثرة الخروج من المنزل وعدم الجلوس مع النفس ،فكثير منا الآن وضع نفسه على أول طريق الموهبة والإبداع ،وبدأ بالعمل عليها حتى تخرج للعالم أجمع.

الكورونا هذه.. أسقطت السياحة في معظم الدول، فشعرت هذه الدول بأهميتنا كسياح لها، بدلاً من تذمرهم منا، أصبحو الآن يفتقدوننا ويفتقدون ازدحامنا في شوارعهم.

فعلاً.. هذه الكورونا هذبتنا وعلمتنا وقومتنا للسلوك الصحيح وصدق من قال ((رب ضارةٍ نافعة))،وختاما أدعو الله تعالى أن يزيل عنّا هذه الجائحه عاجلا غير آجل ،وأن يزول السبب ويبقى الأثر بإذن الله

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟