
وفيك انطوى العالم الأكبر
بقلم: سمية جلّون
في حديث داخلي بين العقل والروح لشخص واعي متصل بروحه ويمر بمرحلة من خيبة الامل.
الروح: انت وحدك
العقل: لماذا؟
لانك المسؤول الوحيد
لماذا؟
لانك تستطيع
وكيف أستطيع؟
لأنك تعرف عنك أكثر من غيرك
نعم صحيح.. ولكن لماذا لا تساعدني؟
لأنك على قدر كاف من تحمل المسؤولية
هل تعتقد أن هذا السبب كاف؟
نعم..
ولماذا تعتقد ذلك؟
لأن تحمل المسؤولية سلوك سيجعلك أكثر نضجاً وخبرةً وسترى من خلاله قدراتك في حل المعضلات أمامك وماذا تعلمت في كل خطوة مررت بها..
هل فعلاً أستطيع التغلب على هذه الخيبة؟
نعم بكل تأكيد، فقط عندما تقرر ذلك.
ومالذي أستطيع فعله؟
راجع نفسك، أفكارك وخطواتك وودعها، ثم خطط للعمل في اتجاه جديد وتحرك نحوه بهدوء، ثم استمتع.
لايستطيع جميع الأشخاص الخروج من دوامة ألم وقعوا فيها، ولا يستطيعون التفرقة بين كونها أحد دروس الحياة أو أنها لم تكن ضربة الحظ المخطط لها، وكل مرحلة ألم لكل شخص لها درجة مختلفة من التقدير وسعة التحمل وتفاصيل تحدد الأشخاص الواعيين من غيرهم لفهم الدرس في كل لحظة، ابتداءً من الصدمة الأولى في مرحلة خيبة الأمل وكيف يتلقاها، مروراً باختلال التوازن وتقلب المزاج وانتهاءً بخروجه منها.
الأشخاص الواعيين يعرفون حقيقة خيبات الأمل ويضحكون على أيام مضت بهم في دوامتها، واثقين بما يعرفونه عن كون الشخص مسؤول عن كل ما يصدر منه وكل ما يحدث له، بمعنى أنهم يعلمون أن ما يبحثون عنه موجود بداخلهم، وما يحاولون تصحيحه خارجهم أساسه التصحيح وإعادة الترتيب من الداخل، وأن معدتهم هي بيت دائهم ودوائهم، وجزاء أعمالهم من جنسها، وما يحبونه لإخوتهم دلالة على محبتهم لأنفسهم، وما من حفرة يحفرونها لأحدهم إلا وسيقعون فيها، وإن ما يطالبون به سيجدونه ولن يضيع أبداً، وإن اجتهادهم لنيل هدف ما يساعد الهدف ليجد طريقه إليهم، وكل إحسان أقدموا عليه سيقابل بإحسان أفضل منه، وإن كل ماسيرسلونه سيعود إليهم.
فكل ما يلقونه في دنياهم هو من صنع أيديهم، حتى عندما تلقفهم خيبات الامل والصراعات داخلهم فهي أيضا وبالتآكيد بسبب وجود خلل في توازنهم النفسي ومفهومهم الحقيقي عن الأمل وعن الإتصال الحقيقي عبر أرواحهم بالله.
تماماً كما قال علي بن ابي طالب: وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر.