
4 معشوقـات في حياة سعود كاتب
لكل واحدة مزايا خاصة وجمال متفرد
قراءة: على الحربي
على الرغم من عنوان كتاب (الدبلوماسية العامة.. القوة الناعمة السعودية في عصر ثورة المعلومات) الذي يرمي إلى عصر المعلومات ومزايا الدبلوماسية الرقمية وما يُصدّره هذا العنوان من ظلال إلا أنك ستقرأ خلف الأرقام والتعريفات الجامدة أدبا معلوماتيا من نوع فريد، ولا غرابه من ذلك فالمؤلف له كتابات أدبيه عديدة خارج سياق وجفاف تكنولوجيا المعلومات والاتصال والإعلام.
يستوقفك الكتاب بداية عند عناوين الفصول والتي تباينت بين تعريف الدبلوماسية والقوة الناعمة والصلبة والذكيّة، ودور الإعلام المؤثر والخيارات المطروحة أمام السفراء للتعامل مع الأخبار الكاذبة وآليات الحماية والسريّة في العمل الدبلوماسي وغيرها ليحملك الكتاب إلى مهنة بعنوان دٌنيا تتخير من يعيش على تربتها، هذه هي الدبلوماسية كما يراها الدكتور سعود كاتب مؤلف الكتاب مهنة تخطب الأذكياء الأقوياء أصحاب النظرة البعيدة والقراءة المتأنية لكل حدث.
تقرأ في الكتاب حكاية ” المعشوقات الأربعة ” في حياة د.سعود كاتب والتي تتجمل كل واحدة منهن برداء جديد، كل معشوقة تملك مزايا خاصة وجمال متفرد، فمع الإعلام – معشوقة كاتب الأولى – كانت العشرين عاما المثمرات – إن جاز الوصف قضاها متنقلا بين كافة القطاعات – حكومية كانت أو أكاديمية أو خاصة أثرى محفلها بإبداعاته وقدم فيها عملا يُحسب له ولتاريخه فيما تنافسها التكنولوجيا التي تعهدّها سعود كاتب وهي نبت صغير وظل معها يرعاها حتى باتت كيانا له عظيم القوة والتأثير.
ومع تأثير المعشوقتين على حياة الدبلوماسي المُبدع تأتي السياسة لتشغل القلب بل وتمثل النبض الجميل في حياته حيث لازمها أكثر من عقد كامل. عاش معها وفيها أجمل أيام العُمر.
السياسة تحتل بترتيب المعشوقات الثالثة ولكنها بميزان القلب الأولى بلا منافس. سافر من أجلها كل بلاد العالم وأقترب من بيتها الأبيض -على حد وصفه -وربطته بها علاقات دولية كبيرة.
وإذا كانت السياسة قد ملكت القلب جاءت الثقافة لتمثل المرفأ والملجأ عند الضيق والملل بل كانت بحق رفيقة المشوار. لازمته في حلّه وترحاله وكانت صاحبة اللمسة السحريّة في كل حياته.
المعشوقات اللائي تنافسن لاختطاف قلب الدبلوماسي الكبير. تعامل معهن كاتب بميزان العدّل. قسّم عمره بينهم قسمة الإنصاف وأعطى كل واحدة منهن حقها المُستحق.
فصول ثريّة في كتاب ” الدبلوماسية العامة ” للكاتب المبدع سعود كاتب حملتني بحق لعوالم غير مسبوقة فما بين فصل يجمع تعريفات الدبلوماسية ومفاهيمها إلى آخر يتناول القوة الناعمة وتأثيرها إلى ثالث يحملنا على متن الرقم إلى التطورات التكنولوجية ومقدار نفعها ومن بعد الإعلام الخارجي الصفحة المثيرة للجدل في المملكة ومع كل ما ذكرت تأتى الانعطافة الرائعة للدبلوماسية الثقافية وما تبعها من فصول.
ففي الفصل الأول يتحدث الكاتب عن الأدوات التي يتم استخدامها لممارسة الدبلوماسية العامة مثل الإنصات والدبلوماسية الثقافية والتبادل الدبلوماسي والإعلام الخارجي ليس هذا فقط بل أهمية الدبلوماسية العامة والفرق بينها وبين الإعلام فيما يتعرض الفصل الثاني للقوة الناعمة والتي وصفها الكاتب بـ كاريزما الدولة والتي لاتمثل الخير المطلق لافتا الى أن هناك قوة سلبية ناعمة .
ومع ما حمله الفصلان من معلومات وافية يأتي الفصل الثالث ليتناول بالشرح والتفصيل الدبلوماسية الرقمية من خلال تتبع خلفية الدبلوماسية التقليدية قبل بزوغ التطورات التكنولوجية والرقمية ويتعرض الكاتب في هذا الفصل للسؤال الهام لماذا اهتمت وزارات الخارجية بكل الأدوات المتمثلة في شبكات التواصل الاجتماعي وتطبيقات الهاتف الذكي وبرامج الرصد والتحليل المتطورة .
الثراء المعلوماتي الجديد في الفصول الثلاثة الأولى استتبعه ثراء لا يقل قوة في بقية الفصول التي حملها كتاب الدبلوماسي المبدع حيث يأتي الفصل الرابع فاتحا صفحة مثيرة للجدل في المملكة تتمثل في الإعلام الخارجي والانتقادات الموجه اليه ويحاول الكاتب الإجابة على أسئلة عدة من قبيل .. ماهو المطلوب أصلا من الإعلام الخارجي في عصر ثورة المعلومات ؟ وهل نحن بحق بحاجة إليه وماحدود قدراته ومقومات نجاحه ؟
ومع السؤال المثير للجدل واجاباته يأتي الفصلان الخامس والسادس ليتناولا الدبلوماسية الثقافية وتعريفها وأهميتها ومن ثم التبادل الثقافي وتحديد أنواعه سواء أكان التبادل التعليمي او العسكري أو غيره ويتفرد الكاتب في فصله السابع بتقديم ما أسماه بالعشر وصايا الذهبية للدبلوماسية العامة .
كتاب سعود كاتب يحفز الكل لقراءته بل هو في رأيي هديّة داخل غلاف.