أنين الأودية

بقلم: محمد عوض الله العمري

ونحن نواكب قطار الرؤية المباركة للملكة العربية السعودية ونرى ملامحها رأي العين على كافة الأصعدة

ومنها على سبيل المثال لا الحصر مجالات الثقافة والآثار والسياحة.

إلا إن أنين الأودية الذي يطرق الآذان ويجيش المشاعر ويستنهض الوجد، يستثير التساؤلات للبحث عن حلول وطرق إبداعية لتوثيق مكنونها والتهدئة من أنينها.

تئن الأودية – وأخص أودية منطقة المدينة المنورة تحت وطأة السنين وهي تحفل بعبق التاريخ المجيد المفعم بجماليات الإرث الطبيعي والمواقف التاريخية والسيرة العطرة.

فالبيئة الجغرافية والطبيعية لهذه الأودية يفترض أن تكون نقطة جذب للسائح وإلهام للباحث وإغراء للمثقف.

ناهيك عن الآثار النبوية الخالدة والموثقة من وقوف واستراحة ومصليات للنبي -صلى الله عليه وسلم- والعديد من الصحابة والتابعين. وهي بكل تأكيد محل عناية المسؤولين.

فالعيون الموغلة في القدم وهي تنساب بين الصخور وتتهادى لري النخيل والأشجار، وتبث روح التفاؤل والإخاء والأمل لمجاوريها من البشر، والتي تتموج صفحاتها لتؤكد تاريخًا رائعًا لمجتمعات كانت ولا زالت تتوارث السكن والمناشط المناسبة لهكذا أماكن تحتاج فقط من ينساب مع صفحاتها ويتهادى مع تعرجاتها ليوثق ما يجده من أحداث تاريخية ويدونها في كتب بطريقة مختلفة وبأسلوب علمي مناسب لعله يخفف من أنين تلك الأودية ويشاركها مسؤولية حمل هذه التركة العظيمة.

قام الكثير من المهتمين بالكتابة والتوثيق عن تلك الأودية، وجهودهم تذكر فتشكر، ولكنها تحتاج المزيد من البحث والاستقصاء فالأنين يدل على كم هائل من الإرث والموروث.

ومن نماذج الأودية واتي ارتبط مسماه ارتباطً مباشرًا بالنبي صلى الله عليه وسلم  وادي خضرة عندما غير عليه الصلاة والسلام اسمه من عَفِرة إلى خَضِرة، فبارك الله فيها فأصبحت دائمة الخضرة والجمال.

وقد عدَّ محمد مسعد المخلفي في دراسة وثائقية “وادي خضرة -التسمية المباركة ” إحدى عشرة عينًا محددًا أماكنها والمسافة بين كل منها، وهو بلا شك جهد علمي مميز يأتي استكمالاً لمؤلفات سابقة.

ومع ذلك لا زالت الأودية تئن وكأنها تنادي من لها حق عليه أن أقبل فلديَّ الكثير الكثير الذي أرهق جوانبي وأخشى عليه من تعاقب الجديدين فاكتبوه ووثقوه!

فلو صدر قرار من الجهة المسؤولة بتشكيل لجنة من المختصين لكتابة موسوعة متكاملة عن أودية منطقة المدينة المنورة فحتمًا ستكون مبادرة لها فضل السبق تحتذى فتثري المكتبة وتجمع شتات المعلومات المتناثرة في الكتب أو التي لم تدون حتى حينه.

إن الوصول لهذه الأودية سهل وميسر -ولله الحمد-فالطرق إن لم تخترقها تمر بجوارها، ولا تكاد تجد لوحة إرشادية مختصرة بالتعريف بها وبأهم ملامح الجذب فيها عدا لوحة المسافات بالاسم والكيلو متر.

 

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟