أبطال الجزيرة في الدولة السعودية الأولى

 تيزار

ومن قصص شرق الدولة السعودية، قصة القائد البحري في الدولة السعودية الأولى أرحمه بن جابر الجلهمي، الذي كان أول من وضع رقعة العين، إذ إنه فقد إحدى عينيه في إحدى الحروب، قال عنه المقيم الإنجليزي في منطقة بوشهر عام ١٢٣١ھ (١٨١٦م): «إن أرحمه سوف يسيطر على الخليج لا محالة إذا لم يوقف عند حده»، وفي إحدى المعارك استبسل أيما استبسال، وأظهر شجاعة قل نظيرها، وعندما رأى أن هزيمته واقعة لا محال قام بضم ابنه ورمى بالنار صناديق البارود الموجودة بسفينته التي أسماها (غطروشة)، فانفجرت به ومات البطل ميتة أسطورية، أبى فيها الاستسلام والإذعان للأعداء، وبذلك سطر لنا التاريخ قصته وخلدها في الكتب، قال عنه المؤرخ ابن بشر: «مات الشجاع المقاتل في البحر نادرة عصره بأسا وسطوة وشجاعة، وكان أرحمه كثير اللهج بالأشعار، ولا سيما أشعار العرب والحماسة، وله شعر جيد، وله محبة لأهل هذا الدين وأهل هذه الدعوة تنبئ عن حسن عقيدته».

مسعود بن مضيان

ونأتي إلى غرب الدولة السعودية، حيث تلوح في الأفق قصة أحد أبطال الدولة السعودية الأولى، وأشهر القادة في عهد الإمام سعود بن عبدالعزيز، وهو القائد مسعود بن مضيان، حينما وقف في وجه الأعداء العثمانيين دفاعا عن المدينة المنورة، وليس ذلك فحسب، وإنما حاول أيضا عرقلة تقدمهم نحو الدرعية، وانتهى به المطاف منفيا إلى إسطنبول، حيث تم إعدامه فيها عام ۱۲۲۷ھ (۱۸۱۲م)، ضاربا بذلك أروع صور التضحية والإيثار.

بخروش بن علاس الزهراني

وفي جنوب الدولة السعودية، حيث تبرز لنا جبال عسير الشاهقة، وعلى قممها تبرز لنا سيرة أبطالها الذين سطروا أعظم الملاحم التاريخية في الذود عن العقيدة والوطن، وأهمهم قائد الدولة السعودية الأولى بخروش بن علاس الزهراني الذي تحدى الأعداء، ووقف دون تقدمهم في الحجاز وعسير وقفة رجل شجاع، ولكن تطور سلاح الأعداء حال دون ذلك، إذ حوصر في بلاده زهران حتى تم القبض عليه، واستطاع أن يهرب في المرة الأولى، وقتل عددا من الحراس والجنود، ولكن استطاعوا القبض عليه مرة أخرى، حيث سئل عن سبب قتله للجنود، فأجاب -بعزة وأنفة السعودي- قائلا: «حينما لا أكون مقیدا سأتصرف حسبما أريد»، وانتهت سيرة هذا البطل باستشهاده على أيدي المعتدين الذين قاموا بتعذيبه وتمزيقه بسيوفهم، زعما منهم بأن مقتله سيقتل الشجاعة في نفوس الأهالي، ولا يعلمون بأن فعلتهم زرعت الشجاعة والإقدام في قلوب السعوديين، وزادتهم رغبة في التكاتف والتعاضد لإخراج الغازي فيما بعد من الجزيرة العربية.

خلف بن دعيجا

أما شمال الدولة السعودية، حيث الكرم والنخوة ومكارم الأخلاق، تبرز لنا قصة الفارس خلف بن دعيجا، عندما سمع أحد شيوخ القبائل، وكان يرى من ابن دعيجا منافساً له، أن خلف بن دعيجا استقر في أرض جرداء لا حطب فيها ولا ماء ولا حتى حجارة، وأراد زيارته قاصدا إحراجه، حيث لا يستطيع ابن دعيجا إكرامه في ظل غياب الحطب، ونزل عنده -ذات يوم- بكامل جيشه، ولم يثن ذلك كرم ومروءة خلف ابن دعيجا الذي سرعان ما قام بذبح عدد من الأغنام، وإيقاد النيران بما يتوافر في بيئته من يباس العشب ونبات العرفج، ونجح في ذلك، وقدم الطعام لضيوفه وأكرمهم أيما إكرام، وأعان الله الكريم الشجاع.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟