إغلاقات واختناقات تاريخية
لم تشهد المدينة في كل تاريخها مثل هذه الإقفالات للشوارع، وهذا الكم من المشاريع في وقت واحد.
ما يحدث في المدينة، اليوم، أمر يفوق الوصف والتصور، وللوهلة الأولى تشعر بالتذمر، وتتساءل: لماذا جميعها في وقت واحد؟!، ولماذا في هذا التوقيت؟!، لتداهمك الإجابة فورا؛ كالتالي:
«باب الخير انفتح، والمشاريع اعتمدت ميزانياتها، والمدينة انتظرت سنوات طويلة من أجل أن تأتي هذه الثورة والفورة المهمة في هذه المشاريع التي ستغيرها شكلًا ومضموناً، وكل ما كنا نتمناه أصبح فقط مسألة وقت».
شاهدها اليوم من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، سيستوقفك حجم إغلاقات الشوارع، وكمّ المشاريع التي تناثرت هنا وهناك، يستوقفك الحراك المشتعل، وورش العمل التي لا تهدأ، والإنجاز الذي يسابق في ميقاته عقارب الساعة.
ما يَحدث في المدينة المنورة أمر يفوق الوصف والتصور، ويُرهص بنقلة نوعية في تخطيطها المستقبلي، بشكل يساهم في توفير متطلبات سكان المدينة وزائريها على السواء.
مشاريع ضخمة يجري تنفيذها، وأخرى أضخم تتأهب للتنفيذ، يجمع بينها قاسم مشترك يدور في فلك «جودة الحياة» بكل ما تحمله الكلمة من دلالة.
كل شيء في المدينة المنورة تغيّر من أجل إنسانها، نشاهد هذا في بعض الطرق والأحياء التي تم الانتهاء من تطويرها، ومنها شارع الأمير محمد (التحلية)، وطريق المطار القديم، وطريق علي بن أبي طالب، فلا تشوه بصريا يُخفي جمالها ويواري ربيع شوارعها المكسو بالأشجار، ولا تكدس يُعرقل انسيابية الحركة، بل تنظيم نموذجي لمسارات المركبات والمشاة، ولوحات إرشادية كُتبت بلغة راقية، وأماكن مُنتقاة للترفيه والترويح عن النفس.
ولا يخفي على مديني واحد عندما كان يأتي ضيف من خارج المدينة، ويُنهي صلاته في المسجد النبوي الشريف، كان لا يعرف أين يذهب، وعندما يسأل تقفز عليه الاقتراحات: اذهب مقهى الأندلسية، أو كازينو أبو طربوش، واليوم تناديه الوجهات، وتتنافس الأماكن من أجل استقباله والاحتفاء به.
من الأندلسية لـ (أبو طربوش)
كل شيء تغيّر.. شاهدوا المزارات كيف أصبحت الآن.. شاهدوا جادة قباء وجمال التنقل فيها من قباء إلى المسجد النبوي الشريف وجمال كل تفاصيلها.. شاهدوا معظم المماشي والحدائق.. شاهدوا العقيق وروعة العقيق وجمال العقيق.. كل شيء في المدينة المنورة يدعوك للجمال، وكل شيء يدعوك لقليل من الصبر حتى تنتهي المشاريع التي ستجعلنا أفضل ومدينتنا أكثر جمالًا.
ربما يواجهني القارئ بسؤال: شارع الحزام مقفل، ودوار طابة مقفل، ودوار عروة وشارع الملك عبدالعزيز مقفلان، متى تنتهي هذه المشاريع التي أحدثت زحاما وإرباكا؟!
النهايات الجميلة تحتاج الصبر، والمدينة المنورة التي صنعت تاريخها في سنوات لا تصنع جمالها في يوم.. انتظروها، فهي تتزيّن من أجل سكانها وزوارها لتكون في الغد دُرة المدن كما هي دائماً.
نسأل الله أن تفتح أبواب الخير
أيضًا في قطاع الصحة، ونشهد
إفاقة شاملة تخرج مستشفياتها
من التكدس والزحام والمواعيد
وأن يشمر مسؤولوها عن سواعدهم
ويزعجوا الوزير ووكلاءه بمطالب
أهل المدينة، ونحن من ورائهم
نقول:
اللهم، ساعد الدكتور أحمد الصغير
واجعل صوته أكبر، وسخر له الوزير
ووكلاءه، وآته الحكمة وفصل الخطاب أمام الوزارة؛ لإنهاء مشكلة صحة المدينة المتوارثة.
