إعلام الصدمة

قراءة : حديث المدينة

 

تغيّرت لغة الخطاب على لسان المسؤولين وغابت دبلوماسية التصاريح المكتوبة والمسموعة واستبدل القائمون على إعلام الصحة قاموس الكلام من إرشادات هادئة وعبارات توعوية ترتجي منا الالتزام وتدعونا للتناغم مع توجيهات الدولة الرامية لمحاصرة الوباء المجهول إلى لغة جديدة وإعلام مختلف يمكن تسميته بـ ” إعلام الصدمة” التي يقدّم لك الخطر كما هو بدون رتوش والحقيقة شفافة ويرفع لك الغطاء عن مستقبل الوباء – وفقا لرؤية الخبراء- لنرى جميعاً بعين واحدة لا بألف عين.

هذا هو التوجه الجديد الذي تلتزم به الصحة اليوم. توجّه لا عنوان له إلا الوضوح والشفافية وكشف الحقائق، ولعل المتابع للحوار الذي أدلى به المتحدث الرسمي ومن بعد التصريح الذي قدمه وزير الصحة د. توفيق الربيعة والذي لم يفصل بينهما سوى ساعات يمكنه الوقوف على ملامح إعلام الصحة واستراتيجية خطابه المستقبلي.

تغيّر الخطاب لأننا لم نتغير مع الأزمة حتى باتت سلوكياتنا تقرّب الداء إلى بيوتنا لا تصدّه عنا.
تغيّر الخطاب لأننا أسأنا فهم أرقي عبارات توعوية قدمتها الصحة لنا وتعاملنا مع “كلنا مسئول” بإهمال وبلا مسؤولية.
تغير الخطاب لأننا كسرنا المنع ولم نلتزم بتحذيرات التجمعات والمخالطة وكأن الصحة في واد ونحن في واد آخر.
ولأننا بتنا بالجهل وقلة الوعي نُعين الوباء على كسب مساحات جديدة واختطاف أحبّة من بيننا كان لابد من إعلام جديد نستفيق من عباراته ونرتجف من مفرداته.

إعلام يصدمنا بحقيقة الوباء المجهول ويؤكد لنا الخطر قادم إذلم نلتزم.. وأعداد الوفيات والمصابين ستزيد إذا تهاونا.. إعلام يخبرنا -ولأول مرة – أننا نواجه نقصاً من الأجهزة والمستلزمات الطبية يلبي جميع احتياجاتنا المستقبلية.
الجائحة تتحرك والعالم تتآكل أطرافه والإصابات بيننا تزيد والمستقبل مكسوّ بالضبابية المخيفة.. فماذا نحن فاعلون؟

لا تسألوا لماذا تغيّر إعلام الصحة من الدبلوماسية للصدمة ومن الحرف الهادئ لمفردات القوة.. بل أسألوا أنفسكم.. ماذا فعلتم لنتجاوز الأزمة ؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟