أنديتنا.. والتسويق الرياضي

يعد التسويق الرياضي أحد المسارات الرئيسة للتنمية والتطوير في أي منظومة رياضية، في الوقت الذي تواجه فيه الهيئات الرياضية والمؤسسات والأندية عزوفا كبيرا من رجال المال والأعمال والشركات عن الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الهام، وفي ذات السياق تكمن ضرورة التسويق الرياضي من خلال تحقيق مكتسبات عدة، يأتي في مقدمتها بأن تكون مصدرا للدخل ولزيادة وتنمية موارد للجهات الرياضية على اختلاف مسمياتها، وباعتبار أن المال المحرك الرئيس لتلك المؤسسات الرياضية والأندية في تنفيذ خططها وتطبيقها على أرض الواقع، والارتقاء نحو تحقيق النتائج المتميزة وتحقيق الإنجازات المتوالية.

ولذلك، يرى خبراء الاستثمار والتسويق الرياضي أن خطة التسويق في المجال الرياضي هي الأولى بالبداية كونها المحرك لما تبقى من خطط لتسيير أنشطة وبرامج الأندية، وهنا لا بد من وجود المختصين في مجال التسويق؛ لأن العمل لا يقبل الاجتهادات، وفي هذا الجانب لا بد من أن نشير إلى أن معظم الأندية ترفض تماما فكرة الاستشارة من الشركات الرياضية المختصة، وأيضا عدم الاستفادة من التجارب الناجحة للآخرين.

وكما يظهر بأن قائمة الأنشطة التي تتطلب تسويقا في الأندية متعددة ومتنوعة في المجال الرياضي، منها تسويق البطولات والمنافسات والمباريات الرسمية والودية، والتسويق التلفزيوني وحقوق الدعاية والإعلان، فضلا عن تسويق المنشآت ومرافق النادي الرياضية، إضافة إلى تسويق اللاعبين، والتسويق من خلال الخدمات وبرامج وأنشطة المسؤولية الاجتماعية وغيرها.

ومع الاعتراف بوجود عوامل تؤثر على التسويق الرياضي بشكل عام، يأتي في طليعتها الأنظمة والقوانين، ونوعية الرياضة، وكثافة الجمهور المتابع والدور الإعلامي المواكب لها.

وفي الآونة الأخيرة، بدأت الأندية تتحرك في اتجاه جلب الرعاة والمستثمرين والشركات، بعد أن قدمت لهم العديد من المزايا للرعاية، وطرحت أمامهم قائمة من خيارات التسويق كالتسويق للعلامة التجارية للنادي، خصوصا عندما يكون للنادي تاريخ واسم وإنجازات بالمنطقة، إضافة إلى تسويق المنتجات، وتسويق حقوق الدعاية والإعلان، والتعاقد مع شركات الملابس والأدوات الرياضية مقابل الدعاية لها، مع طرح باقات للرعاية بحسب قوة الشركة والملاءة المالية؛ بهدف خلق تنافس في اختيار ما يناسبهم من عروض تتماشى مع أهداف تلك الشركات التسويقية، كما نشير إلى نجاح العديد من الأندية من خلال العمل المستمر، ونجاح خططها التسويقية في جذب اهتمام المستثمرين وتشجيع الاستثمار الرياضي.

ومع كل ما سبق، تعاني العديد من الأندية المغمورة، أو تلك التي لا تمتلك قاعدة جماهيرية كبيرة، من عزوف الشركات ورجال المال والأعمال عن رعايتها ودعمها، ومع أن مبرراتهم منطقية في عدم رغبة بعض الشركات في الاستثمار في الرياضة نهائيا، أو أن نشاط الرياضة لا يخدم مصالح الشركة، إضافة إلى عدم وجود تجارب ومكتسبات ذات أثر على المدى البعيد للشركات التي استثمرت مسبقا في المجال الرياضي لمثل هذه الأندية، وكذلك لغياب الكفاءات المختصة في مجال التسويق والاستثمار الرياضي في الأندية.

وجدير بنا هنا أن نشيد بالشركات ورجال المال والأعمال الذين خاضوا غمار تجربة الاستثمار الرياضي في الأندية، بعد أن وجدوا أن الرياضة قوة ناعمة يستطيعون من خلالها الوصول بسرعة البرق لمستهدفيهم، فضلا عن الإشهار واتساع دائرة المهتمين وكسب ولاء عملاء جدد مع كل منجز وبطولة تتحقق لهذا النادي، والشواهد كثيرة لا مجال لذكرها، وعلى سبيل المثال كيف وصلت شركات طيران خليجية إلى العالمية من خلال وضع شعارها على قمصان أفضل أندية العالم في كرة القدم، وما تحقق من نجاحات تفوق الوصف للشركة وللنادي.

إن ما تم الإشارة إليه في المقال أعلاه يعد صورة من صور تنمية الموارد الذاتية للأندية التي تعيش في سبات عميق.

ختاما.. لا بد من أن نعترف بأن أنديتنا لم تصل حتى الآن إلى مستوى الاحتراف في التسويق، في ظل غياب الانسجام والتوافق بين الشركات الراعية والأندية، ويظهر ذلك في التخارج وعدم الاستمرارية، وهنا نؤكد على ضرورة زيادة اهتمام تلك الأندية بالتسويق لضمان تنمية مواردها، والذي يسهم في نموها واستقرارها، فهل سيتم العمل على ذلك؟!.. هذا ما نأمله مستقبلا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟