تغيّرنا في 60 يوم

بقلم : رئيس التحرير

لم يجتمع العالم العربي على شيء مثلما اجتمع على كورونا ولم تتغيّر مناهجه وأفكاره من جراء فاجعة ولا ملمّة مثلما غيرّها الوباء.

هذه هي الحقيقة التي لا يمكننا إنكارها -حيث انهارت جبال البيروقراطية العربية وتحطّم تابوت الروتين وباتت القرارات الناجحة أسرع من الصوت.

ستون يوما فقط من عمر الزمن تبدّل فيها كل شيء وشعرت خلالها الحكومات العربية أنها أمام اختبار قدري لا يحتاج أسلحة العجرفة والتسلّط والأنا والإعجاب بالذات بل يحتاج أسلحة بديلة تتصدى للداء وتضمن للشعوب الحياة.

ومع هذا التغيّر الإيجابي الذي لمسناه – عربيا – يتمثّل الوجه الرحيم للأزمة في القرارات الناجحة والسريعة التي بدت بحق أقرب شبها بـ ” الشيول ” المتحرك على عجل لايُبقى على شجرة ولا حجر أمام هدف تعبيد الطريق وفتح مساراته.

ليست هذه هي الغنيمة الوحيدة من أزمة تخطف من بين أحضاننا الأحبّة بل جاء الاحتذاء السلس والطوعي والاستنساخ الراقي الجميل لكل إجراء نافع تتخذه دولة عربية لصون شعبها حيث يحتذيها الكل ويقتفي أثرها الجميع دون شعور بنقص الفكر أو ضعف الرؤية.

هذا الاحتذاء الراقي يمكننا قراءاته في القرارات التي اتخذتها السعودية منذ بداية أزمة كورونا والتي تمثلت في تعليق العمرة والتعليم العام والجامعي وإغلاق المساجد والأسواق وإطلاق حملة توعوية ضخمة والاتجاه للحكومة الإلكترونية لانجاز مهام المواطنين حيث اقتفت أثر قراراتها كل الدول العربية وسارت على نهجها المرسوم بلدان جارة وبعيدة لافرق.

الإحساس العميق والشعور بالمسئولية تجاه المواطن جعل احتذاء الدول العربية لخارطة التصدّي التي رسمتها المملكة لا يدخل في دائرة التقليد الأعمي بل هذه هي الأزمات الصعبة تخطب قائدا يرسم ومريدون يقتفون النهج.

تغيّرنا في 60 يوما. حطّمنا البيروقراطية بضربة معول واحدة وتجاوزنا الروتين المعطّل وأصدرنا القرارات ونفذناها في غمضة عين.

تغيّرنا في 60 يوما ولم يخجل العالم العربي أن يوثّق اعترافه الصادق بأن الأزمة رفعت المملكة إلى مرتبة القائد القادر على قيادة قاطرة السلامة – عربيا –  القائد الذي لم يكتف بحماية أبنائه فقط بل مدّ ملاءة حرصه ودعمه ليحمي الانسان دون الالتفات لمكانه وموقعه.

للأزمات وجه رحيم. فعلى الرغم مما يعيشه الأكثرية من قلق وفزع وخوف يكفينا – حقا – إننا تغيّرنا في 60يوم.