حكاية الأندية الرياضية والجماهير

 

د. فهد الجهني

تمتلك العديد من الأندية الرياضية ثروة تعد من أهم الأصول لديها، وتكمن في الجماهير، وهنا نتحدث عن الأندية التي تستثمر هذه الثروة وتقدِّر قيمتها العالية، وكما نشاهد بأن رياضة كرة القدم هي الأكثر شعبية حول العالم، وتحظى بمتابعة شريحة كبيرة من الجماهير مقارنة بالألعاب الأخرى، وبات الجمهور عاملا رئيسيا وهاما والمحرك الأساس لهذه اللعبة، إذ تحتاج الأندية -بعد اكتمال أجهزتها الإدارية والفنية واللاعبين- إلى الجماهير، والتي تمثل الداعم المعنوي الأول والأقوى للفريق، بل وتعتبر اللاعب رقم (12) لمواصلة مسيرته في تحقيق الألقاب.

مجالس إدارات الأندية المحترفة، التي تملك شعبية جماهيرية جارفة على مستوى العالم، هي من يعي -منذ زمن- بأن الجماهير أعظم الأصول التي يمتلكها النادي، والمصدر الأغلى والأكثر أهمية لتعزيز موارد النادي المعنوية والمالية، ولا يخفى على المتابع -تاريخيا- ما قدمته الجماهير وتقدمه لأنديتها من دعم لا محدود، ساهم في إنقاذ بعضها من الإفلاس، بل وساهم في عودتها إلى منصات التتويج ومواصلة مسيرة النجاحات المتوالية؛ وصولا إلى الانضمام إلى قائمة الأندية الأغلى في العالم.

سر الوصول -بالطبع- العمل المؤسسي المنظم؛ لأن إدارات تلك الأندية تعمل في منظومة تجارية متكاملة، وكيان وأهداف ونتائج تتحقق على أرض الواقع.

وفي المقابل، نجد أن أندية تعمل في وادٍ، وحتى مجرد التفكير في استثمار هذه الأصول في وادٍ آخر.. حديثي هنا بالعام مخاطبهم بأبيات الشاعر العربي، حين قال:
لقد أسمعت إذ ناديت حيًّا..
ولكن لا حياةَ لمن تنادي

والقارئ الكريم يسقط ما يوافق ما يعيشه ويلمسه مع ناديه؛ لأن معظم ما تعاني منه الأندية من أزمات مالية بسبب جهلها في إدارة مواردها والاستفادة من أصولها، وكانت الجهات المعنية بالرياضة -خلال الفترة الماضية- تتحمل الجانب الأكبر في تمويل الأندية، ومع ذلك نسمع عن الديون المتراكمة على هذا النادي، وذاك، فضلا عن شكاوى المحترفين والمطالبات بمستحقاتهم في محكمة كاس، وفي الوقت الحالي لا مكان لمجالس أندية الشلة، والشو، وصرح، وأوقف، وألغى، لدرجة أن ارتباطهم بالمركز الإعلامي فقط لبث أخبارهم أكثر من اهتمامهم بالنهوض بالنادي وترك بصمة وإنجاز.

ويستمر المسلسل؛ إدارة تأتي، وأخرى تغادر، ولم يتغير شيء، بل يتنوع الإبداع في زيادة المصاعب المالية وتراكم الديون.

وامتد هذا الفشل إلى تهميش الجماهير المحبة للنادي، وقدامى اللاعبين فلا صوت لهم، بل وصل الحال في بعض الأندية إلى منعهم حتى من الدخول من بوابة النادي، والكارثة الأعظم التركيز على لعبة واحدة، فيما تسجل الألعاب الأخرى حضورا لا أكثر، حتى إن اللعبة التي منحوها عصارة جلساتهم في الاستراحات لم تتقدم خطوة، بل في تراجع مستمر.

ويظهر لك رئيس نادٍ مطالبا الجماهير بالحضور للمدرج، في الوقت الذي لم يقدم فيه أي شيء لهم، لا جديد.. فكر رياضي عقيم مع تغييب المختصين في الإدارة الرياضية من العمل بالأندية، أو حتى استشارتهم، والحديث يطول، تعددت الأسباب والموت واحد.

ختاما.. يا إدارات الأندية (اهتموا بجماهيركم)؛ لأن تحقيق التغير ونجاح عملكم مرتبط ارتباطا وثيقا بالاهتمام بأغلى الأصول، والعمل على زيادة الموارد المالية بما يحقق دخلا يمكن من خلاله تغطية مصاريف الأندية والتزاماتها، وبالتالي الوصول إلى أعلى هامش ربح، ومن خلال استثمار الفرص المتنوعة، ومنها -على سبيل المثال لا الحصر- الرعايات، ومبيعات تذاكر المباريات، وتسويق الخدمات ومنتجات النادي، ومواكبة الإبداع العالمي في الطرق التسويقية في المجال الرياضي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى
تحتاج مساعدة؟