
حقوق الإنسان في ذكراها الـ 75 (نحو منظومة عربية متكاملة)
ما زال الكثيرون يتساءلون عن ماهية حقوق الإنسان، وما هي معاييرها، وكيفية قياسها؟ وما الطُرق لتعزيزها وتطويرها؟.. في ظل اتهامات متلاحقة في حقول السياسة والاجتماع عن أن حقوق الإنسان نفسها منتوج غربي، يهتم فقط بالأجندات السياسية لصالح الدول الغربية، ويرجح كفة مصالحها!!
يصادف اليوم العاشر من ديسمبر الحالي الذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي أسس للحقوق الإنسانية بشكل عام، وتناول الحقوق السياسية والمدنية بجانب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد تلا ذلك العديد من المعاهدات والاتفاقيات التفصيلية لحقوق الإنسان.
دون أدنى شك، فإن حقوق الإنسان قيم متأصلة في جميع المجتمعات تعمل على ترسيخ المساواة والعدالة بين جميع الأجناس، وتحقيق الكرامة الإنسانية والسلام الداخلي للمجتمعات، وهي النبراس الهادئ الذي ينبغي اتباعه لتحقيق الحرية والعيش الكريم.
من هنا، يمكن القول إن حقوق الإنسان هي قيم عالمية مشتركة، تتحقق بمشاركة الجميع من أجل الجميع، ولا ينبغي تسييسها أو إدخالها في إطار ضيق ينزع عنها شموليتها، ويضعها في مواضع المساومات والتحيزات -أيا كانت- وتحت أي مسميات.
فالعالم اليوم يتميز بالتكتلات الجماعية في إطار القيم، وفي إطار الوحدات، وصولاً للعيش الكريم والسلام والأمن المشتركين، وفي هذا يجب الإشارة لضرورة احترام الخصوصيات والثقافات، فطالما بدأ العالم العيش المشترك بتأسيس منظمة الأمم المتحدة في العام ١٩٤٥، والتي جاء في ديباجتها «نحن شعوب الأمم المتحدة»، وتأسيسا على تلك المقولة، فمن الأهمية احترام رغبات الشعوب (كل الشعوب) وأديانها وثقافاتها المختلفة.
وفي إطار تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان وبناء القدرات والمهارات في التفاعل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان، فقد نظم مركز الأمم المتحدة للتدريب التابع للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، بالتعاون مع المعهد الدبلوماسي الأردني مؤخراً، دورة قيّمة حول ذلك، في الفترة من ١١/٢٧ وحتى ١٢/٢ في عمان (الأردن)، شارك فيها ممثلون عن جميع الدول العربية (وزارات الخارجية)، حيث حققت الدورة العديد من الأهداف للمتدربين، وأهمها التفاعل بشكل أكثر فاعلية مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان وكيفية إعداد التقارير، وقدم المشاركون (٢٢ مشاركا) ملامح عن الخطط الوطنية لتعزيز حقوق الإنسان بدولهم، كما قدموا العديد من التوصيات، أهمها بناء شبكة عربية لتبادل المعلومات في مجال حقوق الإنسان وتطوير الخطط الوطنية في ذلك.
لا جدال في أن العالم العربي اليوم أحوج ما يكون لبناء نظام إقليمي متكامل لحقوق الإنسان، من حيث المفاهيم والمعايير والتفاعل الدولي، بحيث نستطيع تقديم إرثنا الغني بمفاهيم حقوق الإنسان المستندة على الدين الإسلامي والأعراف والتقاليد العربية، ومدى التزامات الدول العربية بالاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، وتسليط الضوء على المبادرات والآليات الوطنية، حيث يمكن أن نقدم للعالم التجارب العربية الثرة في جميع مجالات حقوق الإنسان، من حيث التشريعات والإجراءات، والتي تشمل جميع الفئات المجتمعية، والبناء على النجاحات المثمرة للهياكل الإقليمية الموجودة (جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي).